انحطاطها وسيرة أهليها وعقائدهم ودرجة حضارتهم ومدنيتهم وطرق معيشتهم وأسباب رزقهم وما اتصفوا به من أخلاق وعادات وخمول ونشاط وقعود ونهوض، وما إلى ذلك من أحوال لها الأثر المباشر في سير التأريخ وتطور الأحداث. فتراهم يمتدحون ما يجدر بالمدح ويشجبون ما يستحق الذم من غير ما خوف أو رقابة، فتخرج لنا الصورة التي يرسمونها للبلدان والأقطار التي ارتادوها، في غالب الأحيان، قريبة من الواقع، دانية من الحقيقة، وبذلك كانت خدمتهم للتأريخ والمؤرخين عظيمة وافية.

2- جغرافيو المسلمين وروادهم في القرون الوسطى

في عصور الإسلام الزاهرة، امتدت الفتوحات العربية والغزوات الإسلامية إلى الهند وتخوم الصين شرقا وجبال البرانس وشواطئ بحر الظلمات (الأطلنطي) غربا. فلما هدأت تلك الموجبة الجارفة من الغزوات، واستقرت الحدود بعض الاستقرار في القرن الرابع للهجرة (العاشر للميلاد) كانت حدود مملكة الإسلام، كما يعينها ابن حوقل، تمتد «من الهند وبحر فارس شرقا ومملكة السودان الذين يسكنون على المحيط الأطلسي غربا وبلاد الروم وما يتصل بها شمالا وبحر فارس جنوبا «1» وكان طبيعيا، بل نتيجة محتومة، أن تتضعضع الوحدة السياسية في هذه الأقطار الشاسعة بعد أن دامت ردحا من الزمن، وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015