مقدمة المترجم
منازل قوم حدثتنا حديثهم ... ولم أر أحلى من حديث المنازل
«أبو العلاء المعري»
هذا كتاب «رحلة بنيامين» * أقدمه إلى الناطقين بالضاد تلبية لرغبة أبداها عدد من إخواني أدباء العراق ومؤرخيه، لما احتوته هذه الرحلة من معلومات مهمة عن أحوال العالم عامة والشرق الإسلامي خاصة، في عصر من أخطر العصور التأريخية في الشرق والغرب- القرن السادس للهجرة والثاني عشر للميلاد- مما يجعلها في مصاف أهم الرحلات القديمة، وأوثق المصادر التأريخية المعروفة.
ولقد كانت كتب الرحلات ويوميات الأسفار، ولا تزال، من أهم الوثائق المعول عليها في كتابة التأريخ قديمه وحديثه. وروايات الرواد وحكايات الجوابين من أخص ما يعنى به المؤرخون عند تدقيقهم وتمحيصهم الحوادث التأريخية في كل زمان ومكان. فالرحالة بفضل مشاهدته الأماكن والبقاع التي يرتادها عيانا، واتصاله اتصالا قاصدا بأهل الأقطار التي يجوبها، واطلاعه عن كثب على أحوالها وسير أمورها وإدارتها؛ ليعطينا عن أوضاع الأمم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، في مختلف العصور، صورة واضحة قريبة من الواقع، تسهّل مهمة المؤرخ المعتكف بين جدران خزانته، يجوس خلال الكتب والسجلات والوثائق.