إن فهم القرآن فهماً سليماً يتطلب الإحاطة بأشياء، منها: قراءة تفاسيره لمعرفة أسباب النزول، أو مناسبة السياق والملابسات المتعلقة بالنص مباشرة، والإطار العام غير المنفصل عن الآيات المراد فهمها.
مع ذلك يلزم الانتباه الشديد إلى طبيعة التفسير والمفسر، ووجهات النظر الذي يحتفل بها، فهناك اختلافات تمليها المذاهب والمشارب والثقافة والغاية، فتفاسير الشيعة قد تخالف تفاسير السنّة، كذلك تفاسير الفقهاء المنصرفة إلى المعاني الحرفية، والظاهر، وتفاسير أهل الباطن، وتفاسير الصوفية، غير تفاسير العقلانيين، ولا بد كذلك من الالتفات إلى عصر التفسير، فالطبري الذي عاش في القرن التاسع يختلف عن محمد أسد المولود في القرن العشرين.
ثم إن البَصَرَ بالسُنّة والحديث لازمٌ أشدّ اللزوم، فما كان النبي (ص) ينطق عن الهوى، فأقواله وأفعاله وإثباته لقولٍ أو فعلٍ أو إنكاره لهما، على درجة كبيرة من الأهمية لفهم الإسلام والقرآن. لقد كان محمد الإنسانُ الرجلُ بشراً، بلغ من استواء الشخصية والشفافية والصفاء والأمانة، والوعي والفطنة أعلى مقام، ثم إنه كان موهوباً آتاه الله الحكمة والنبوة وجوامع الكلم، ولا أدل على استواء شخصيته، وتوافر تلك الصفات في شخصه الكريم، من شكّه شخصياً أن يكون الإنسانَ المختارَ المكلفَ بأداء الأمانة وإبلاغ الرسالة على أكمل وجه، كما أمره الله ... ولقد عَلِمنا أن القرآن يراه المثل الأعلى البشري أو القدوة الحسنة، أو كما وصفه ربه (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب، الآية 21) ، فأمر بطاعته، والسير على سنّته.