وتبعا لآداب الطعام عندنا في الغرب، يعد الانصراف فور الانتهاء من تناول الطعام اهانة بالغة، حيث اننا نشأنا منذ الطفولة على ألا ننصرف من حول مائدة الطعام قبل ان يأذن لنا الأم والأب. ولكن الأمر يختلف تماما حسب "الاتيكيت" الإسلامي، حيث يبدأ المضيف المسلم تناول الطعام (قبل ضيوفه ليثبت لهم سلامة الطعام وعدم خطورته) وآخر من يتوقف عن تناوله. وهكذا يبقى المضيف، حتى وان كان ملكا، آخر من يجلس بمفرده الى مائدته. ومن ثم، فقد كان سلوكي سليما.

وربما يستطيع المرء ان يعترض بأنني كنت استطيع على الأقل ان اجري في منى حوارا طيبا حول مائدة الغداء دون ان اتناول كثيرا من الطعام. حسنا! ولكن هذا ليس من الاسلام في شيء. فالمرء كضيف في بيت مسلم يستفيض في تجاذب اطراف الحديث قبل تناول الطعام، ويتحدث قليلا جدا اثناء تناوله، وينصرف بعد الانتهاء منه بقليل. ومن شأن هذا النظام ان يعطي للمضيف فرصة لتحديد طول الفترة التي يبقى فيها ضيوفه عنده.

اذا كنت قد تحدثت عن موائد عامرة باصناف وكميات الطعام، حتى لتكاد تتقوس من ثقله، فانني لم اقصد بذلك ان الاسراف، وفي المقام الأول القاء الطعام في اناء الفضلات، يمكن ان يكون سلوكا إسلاميا. بل انه على العكس من ذلك تماما. فالمضيفون المسلمون من دبي حتى مراكش يعتبرون ان من واجبهم اكرام الضيف وتدليله. وعلى أي حال، فهناك، خلف الكواليس، جيش كامل من العاملين ومن الفقراء مستعد لتلقي ما يتبقى من الطعام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015