سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] كيف وقد قال تعالى: إثرها: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]، فتنفس من بركتها الريح، وذهب العنا والتبريح، وكان هو به

ليلة الأحد ثاني عشر [12] رمضان ورأيت في هذه الليلة بالمنام: كأني أعانق من شجر السدر أشجاره، وأجتني منه ثماره، وثمره طيب نفيس، يهواه فؤاد كل صحيح ولقيس، فعبرت الرؤيا: ببلوغ الأرب، وحصول المقصود من أرض العرب.

وقد اتفق في بدء ركوب البحر الغثيان والصداع إلى ثلاثة أيام، ثم حصلت الخفة للطبع في اليوم الرابع، ووجدت المركب بيتاً كالموطن، وشاهدت فيه معنى قول السادة الصوفية: السفر في الوطن.

وكان ركاب السفينة نحواً من ثلاث مئة نفس، وكان الوضوء والغسل من ذلك الماء المالح، وأما الشرب، فكان أهل السفينة استصحبوا معهم الماء العذب من "ممبي"، وظهرت البثور في المنخرين من شدة ملوحة ماء البحر، وانجرت تلك إلى حمى البدن، حتى أفطرت ثلاثة أيام أو يومين، وأتممت بقية رمضان بالسفينة، بالاطمئنان والسكينة، واجتمع لي في هذا السفر الرحلة للحج، وصوم رمضان، وتمت لنا فيه عبادتان.

ومررت في السابع عشر من هذا الشهر من يوم الرحيل من "ممبي" على أسقوطر [سقطرة] عدن، وباب اسكندر، وألقت السفينة مرساها على ساحل حُديدة، ولم نر شيئاً من "ممبي" إلى هنا من وعثاء السفر وكآبة الحضر.

وكتبت بيدي في المركب كتاب "الصارم المنكي على نحر ابن السبكي للحافظ ابن قدامة المقدسي في مجلد وسط، ولم أضيع زمن ركوبي البحر عبثاً، وكان نزول "الحديدة" يوم الأحد في السادس والعشرين من رمضان، ونزلت بدار القاضي حسين ابن محسن، والشيخ زين العابدين -سلمهما الله تعالى، وجزاهما خيراً يوم الدين-، وحصل من جهتهم ما يحق للضيف، من الإكرام والإطعام والمروءة في الشتاء والصيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015