الحسين، وهو مريض، فأدخلهم علي بن زياد، وطيف برأس الحسين على خشبة في الكوفة، ثم بعث به إلى يزيد بن معاوية.

خرجوا بهِ ولكلِّ باكٍ خلفهُ ... صعقاتُ موسى يومَ دُكَّ الطورُ

والشمسُ في كبدِ السماءِ مريضةٌ ... والأرضُ واجفةُ تكادُ تمور

وأرسل معه النساء والصبيان على الأقتاب، والأغلال في عنق علي بن الحسين وفي يديه، إلى أن جيء برأس الحسين فوضع بين يدي يزيد في طست، فأمر الغلام فرفع الثوب الذي كان عليه، فلما رآه ستر وجهه بكمه كأنَّه اشتمَّ من رائحة، وجعل يقرع ثناياه بقضيب كان في يده وهو يقول: الحمد لله الذي كفانا المؤونة، (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله)، ومكث الرأس مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام، ثم تُرك في خزائن السلاح، والقصة أشهر من نار على علم، وقد أفردت بالتأليف. وإنَّما ذكرت هذه النبذة ردعاً للنفس عند تطورها وتهورها، وإلا فما ثمرة الأسف؟ والعتب على الماضي عبث.

ودع عنكَ أمراً قد مضى لسبيلهِ ... ولكن على ما نالكَ اليوم فاقْبِل

وما أوقع ما قال:

يقدح الدهر في شماريخ رضوى ... ويحطّ الصخورَ من هبّودِ

يحكم اللهُ ما يشاءُ ويُمضي ... ليسَ حكم الإلهِ بالمردودِ

وقال وما يجدي المقال:

بعضُ الذي نالنا يا دهرُ يكفينا ... فامنن ببقيا وأودعها يداً فينا

إن كان قصدكَ إرضاَء العدو بنا ... فدون هذا به يرضى مُعادينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015