وسألت ذاك السفح عنهم قال لي ... ذهب الذين يعاش في أكنافهم
استغفر الله، وليس هذا من باب التبرم بأهل مصر، على ما قال:
لا ترم في بئر شربت زُلالها ... آجرة فيقال أنّك غادرُ
وقال غيره:
وعماتك النخل كن مثلها ... لرامي الحجارة ترمي الرطب
فليت شعري أي فضيلة للنخل الذي لا يرمي حتى يُرمى، وهل ذلك إلا من باب المطاوعة رميته فارتمى؟ فالطاعة هنا ضرورية، لا يعلّق المدح بها، وربما تعلق بها الذم من وجه، كما قال قائل - وقد قيل له مالك تقع في الأمراء وأنت تستميرهم؟ -: نأخذ بعض مالنا ونطالبهم عند الله في الباقي والحيلة عليهم خير من الحاجة إليهم:
ولكل رأيت منهم مقاماً ... شرحه في الكتاب ممّا يطول
قال أبو عبيدة: وأما أهلها فقيل أعقل الناس صغاراً وأحمقهم كباراً، والعجب من نسبة الحمق إليهم، فإنه ينافي ما اشتملوا عليه من المكر والخديعة وأصناف الحيل المنقلب لديها بصر اللياقة خاسئاً وهو حسير، وأما أدوات المعروف فيهم فلا يشك في أنها لازمة لا متعدية، وإن كانت آراؤهم على سنن المكارم متعدية، اللهم إلا ما اقتضته الأدوار الفلكية من الأوامر الملكية.
قال الفاضل العبدري في رحلته: وكان وصولنا إلى هذه المدينة - يعني مصر - في أخريات رمضان المعظم، فأتممناه بها وصلينا معهم العيد، فلم أر يومئذ من أولئك الناس، من صدر منه الإيناس، فقلت:
تذكرتُ يومَ الفطرِ في مصر إذ أتى ... وقوس النوى ترمي الحشا أسهم الخَطْبِ