حكى الشهاب النهرواني عن بعض الأكابر، أنه كان إذا وقع الدينار في يده يقبله ويضعه على عينه، ثم يقول له: مرحباً بجامع شملي، وحافظ عقلي، وحبيب قلبي، ولب لبي، أنت مرادي وقوتي وعمادي، يا نور عيني ويا ضياء جبيني، قد صرت إلى من يعرف قدرك، ويعظم أمرك، وكيف لا وأنت تعظّم الأقدار، وتفتض الأبكار، وتؤمن من يخاف، وتسمو على الأشراف. ثم يطويه في كيسه وينشد:
بروحيَ محجوباً عن العين شخصهُ ... ومن ليس يخلو عن لساني ولا قلبي
ومن قربه قصدي من الكونِ كلّه ... وحتى من الخلان والأهل والصحبِ
قلت ولله در ابن المعتز حيث يقول:
إذا كنتَ ذا ثروةٍ في الملا ... فأنت المسوّد في العالمِ
وحسبك من نسبٍ صورةٌ ... تُخبر أنك من آدمِ
أول جامع أسس بالقاهرة، أنشأه القائد جوهر الصقلي مولى المعز سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وكان به طلسم فلا يسكنه الطير، ثم جدّده الحاكم وجعل عليه أوقافاً، كذا في المحاضرة.
هويت مصرياً غدا قاهري ... بصارمٍ من لحظهِ يُشْهَرُ
أَزْهَرَ وجهاً وغدا جامعاً ... للحسن فهو الجامعُ الأزهرُ
في ذكر شيء من أخبار مصر المحروسة، ونشر محاسنها البهية المأنوسة، وليس الغرض من ذلك إلا ما اشتمل عليه من لطائف النكت، أو من اعتبار واستبصار، وإلا فمن أراد أخبار تلك الديار، فقد تكفل بها كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي، وكتاب كوكب الروضة، وهو القائل فيه:
كتابي الكوكبُ المُفدّى ... دقت معانٍ بهِ عزيزه
ألفاظهُ المُشتهاةُ تَحكي ... مِن حُسنها رَوضةً وجيزه
وعلى الخصوص قاموس القصص، وهو الخطط، للفاضل تقي الدين المقريزي، وفيه قيل:
من كان يهوى أن يحيط بسمعه ... علماً بمصر كاملَ التمييزِ
فعليه بالخطط المحرر نقله ... تأليف عالم عصره المقريزي