وأما الطاعة فهي معروفة في أهلها للسلطان، حتى قيل في وصفهم إنهم أطوع الناس للمخلوق وأعصاهم للخالق، وأما طاعونها فهو شر من أن يذكر حتى قيل:
أما دمشق فإنها قد أوحشت ... من بعد ما شهد الخلائق أُنسها
تاهت بعجب زائِد حتّى لقد ... ضربت بطاعون عظيم نفسها
وقاسيون بكسر السين المهملة وضم المثناة من تحت، جبل مطل على دمشق من
جهتها الشمالية، فيه المنازل المليحة والمدارس الحسنة، والرُبُط والبساتين، ونهر يزيد ونهر تورا في ذيله، وفيه جامع كبير وفيه يقول ابن عنين:
وفي كبدي من قاسيون حرارة ... تزولُ رواسيه وليس تزولُ
قال القزويني: الربوة على فرسخ من دمشق، قال أهل التفسير: هو المراد من قوله تعالى (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين).
قال صاحب تحفة الغريب في بادية الشام شجرة، إذا نظر الناظر إليها رأى أوراقها كالسُرُج المشعولة، وكلّما كان الليل أظلم كان الضوء أشد، فإذا هشَّ الورق لا يرى شيء من الضوء.
ومن محاسن الشام نهر بردى المشبب به في القصائد الطنانة، ويقال له الخاطف لقوّته، ومن خواصه أنه لا يزال بارداً في الأوقات الحارَّة، وفيه يقول ابن الفارض:
جلّق جَنَّة من تاه وباها ... ورُباهَا مُنيتي لولا وباها
قال غال بردا كوثرها ... قلت غال بَرَداها برداها
ومن محاسن الشام جامع يلبغا، سمعت فيه من العلامة العمادي للشيخ أبي الفتح المالكي:
كم نزهة في يلبغا تبتغي ... ودارج لم يخل من دارجِ
يموج في بركته ماؤها ... تحت منار ليس بالمائجِ
مأذنة قامت على بابه ... تشهد للداخل والخارجِ
ومن محاسن الشام جامع البحر بالقرب من المولى خانه، يشقَّه نهر لطيف عليه أنواع المسرات:
لله يوماً به الدهر المُشِتُّ سخا ... مع جيرة قلدوا من جودهم نحري