فكان حاله كحال من قال:
وكنت كالمتمني أن يرى فَلَقاً ... من الصباح فلما أن رآه عمي
ولله در من قال:
ربّما يرجو الفتى نفع فتى ... خوفه أولى به من أمله
رُبّ من ترجو به دفعَ الأذى ... سوفَ يأتيكَ الأذى من قِبَله
ولحماة النهر العاصي، قال في الخريدة: وهو نهر حماة وحمص، مخرجه من قدس ومصبه البحر بأرض السُوَيديّة من أنْطاكية، وسُمّي العاصي لأن أكثر الأنهار تتوجّه إلى الجنوب وهذا يتوجّه نحو الشمال، انتهى. وهذا التعليل إنَّما يتم لو كان المتوجّه نحو الشمال هو وحده دون غيره من الأنهار، فتأمّل. وفيه الناعورة التي يضرب بها المثل، وقد أكثر الشعراء فيها، فمن ذلك:
ناعورة في النهر أبصرتها ... تشوّق الداني والقاصي
قد نبهتني للتقى والهُدى ... لأنها تبكي على العاصي
وقال:
نواعير في عاصي حماة إذا بكت ... عليه دعتْ من عَبرتي مدمعاً قاصي
وإني على نفسي لأجْدر بالبكا ... إذا كانت الأخشاب تبكي على العاصي
وقال:
حماة في بهجتها جنة ... فهي من الهمِّ لنا جُنّه
لا تيأسوا من رحمةِ الِله قد ... أبصرتم العاصي في الجَنّه
وقال:
وناعورة قد ضاعفت بنُواحها ... نُواحي فأجرت مُقلتيّ دُموعُها
وقد ضَعُفت مما تئنّ وقد غدت ... من الضَعف والشكوى تعدّ ضلوعُها