يقدّر أنّ البحر الذي عليه بحر الصين والهند يتّصل ببحر الشّام ولا يقوم في أنفسهم حتى كان في عصرنا هذا، فانّه بلغنا انّه وجد في بحر الرّوم خشب مراكب العرب المخروزة التي قد تكسّرت بأهلها فقطّعها الموج وساقتها الرّياح بأمواج البحر فقذفته إلى بحر الخزر، ثمّ جرى في خليج الرّوم ونفذ منه إلى بحر الرّوم والشّام، فدلّ هذا على أن البحر يدور على بلاد الصّين والسّيلا «1» وظهر بلاد الترك والخزر، ثمّ يصب في الخليج ويفضى إلى بلاد الشّام، وذلك إنّ الخشب «2» المخروز لا يكون الّا لمراكب سيراف خاصّة، ومراكب الشّام، والرّوم مسمورة غير مخروزة.
وبلغنا أيضا أنّه وجد في بحر الشّام عنبر وهذا من المستنكر وما لم يعرف في قدم الدهور، ولا يجوز إن كان ما قيل حقّا أن يكون العنبر وقع الى بحر الشّام إلّا من بحر عدن والقلزم، وهو البحر الذي يتّصل بالبحار التى يكون فيها العنبر لأن الله جلّ ذكره قد جعل بين البحرين حاجزا، بل هو إن كان صحيحا ممّا يقذفه بحر الهند إلى سائر البحار واحدا بعد واحد حتى يفضى به إلى بحر الشّام.