رحله السيرافي (صفحة 116)

وجبال من الفضة، وفيه أيضا معادن ذهب ورصاص لا يكاد يتميز.

ثم يليه بحر الصنف على ما رتبنا آنفا وفيه مملكة المهراج ملك الجزائر، وملكه لا يضبط كثرة، ولا تحصى جنوده ولا يستطيع أحد من الناس أن يطوف في أسرع ما يكون من المراكب بجزائره في سنتين، وقد حاز هذا الملك أنواع الأفاويه والطيب، وليس لأحد من الملوك ما له وما يتجهز به من بلاده ويحمل من أرضه الكافور والعود والقرنفل والصندل والجوزبوا والبسباسة والقاقلة والكبابة وغير ذلك مما لم نذكره، وجزائره تتصل ببحر لا يدرك غايته ولا يعرف منتهاه وهو مما يلي بحر الصين.

وفي أطراف جزائره جبال كثيرة فيها الناس مخزمون الآذان بيض الوجوه كقطع التراس مطرقة، يجزّون شعورهم كما يجز الشعر من الزق مدرجا، تظهر من جبالهم النار بالليل والنهار، فنهارها نار حمراء، وبالليل تسود وتلحق بأعنان السماء بعلوها وذهابها في الجو تقذف بأشدّ ما يكون من صوت الرعود والصواعق وربما يظهر منها صوت عجيب مفزع ينذر بموت ملكهم وربما يكون أخفض من ذلك فينذر بموت بعض رؤسائهم، قد عرف بما ينذر من ذلك لطول العادات والتجارب على قديم الزمان وان ذلك غير مختلف، وهذه أحد اطام الأرض الكبار.

ويليها الجزيرة التي يسمع منها على دوام الأوقات أصوات الطبول والسرنايات والعيدان، وسائر أنواع الملاهي المطربة المستلذة، ويسمع ايقاع الرّقص والتصفيق، ومن يسمع ذلك يميز بين صوت كل نوع من الملاهي المطربة وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015