ولما أجاز السلطان أبو سالم من الأندلس لطلب مالكه، ونزل بجبل الصفيحة من بلاد غماره. وكان الخطيب ابن مرزوق بفاس، فبث دعوته سراً، واستعان بي على أمره، بما كان بيني وبين أشياخ بني مرين من المحبة والائتلاف، فحملت الكثير منهم على ذلك، وأجابوني إليه، وأنا يومئذ أكتب عن القائم بأمر بني مرين، منصور بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق، وقد نصبوه للملك، وحاصروا الوزير الحسن بن عمر، وسلطانه السعيد ابن أبي عنان، بالبلد الجديد، فقصدني ابن مرزوق في ذلك، وأوصل إلي كتاب السلطان أبي
سالم. بالحض على ذلك، وإجمال الوعد فيه. وألقى علي حمله، فنهضت به، وتقدمت إلى شيوخ بني مرين، وأمراء الدولة بالتحريض على ذلك، حتى أجابوا؛ وبعث ابن مرزوق إلى الحسن بن عمر، يدعو إلى طاعة السلطان أبي سالم، وقد ضجر من الحصار، فبادر إلى الإجابة. واتفق رأي بني مرين على الانفضاض عن منصور بن سليمان، والدخول إلى البلد الجديدة؛ فلما تم عقدهم على ذلك نزعت إلى السلطان أبي سالم في طائفة من وجوه أهل الدولة، كان منهم محمد بن عثمان بن الكاس، المستبد بعد ذلك بملك المغرب على سلطانه، وكان ذلك النزوع مبدأ حظه، وفاتحة رياسته، بسعايتي له عند السلطان؛ فلما قدمت على السلطان بالصفيحة، بما عندي من أخبار الدولة، وما أجمعوا عليه من خلع منصور بن سليمان، وبالموعد الذي ضربوه لذلك، واستحثتته فارتحل، ولقينا البشير بإجفال منصور ابن سليمان، وفراره إلى نواح بادس، ودخول بني مرين إلى البلد الجديد، وإظهار الحسن بن عمر دعوة السلطان أبي سالم. ثم لقيتنا، بالقصر الكبير، قبائل السلطان، وعساكره، على راياتهم، ووزير منصور بن سليمان، وهو مسعود بن رخو بن ماساي، فتلقاه السلطان بالكرامة كما