مقدمي الجنادرة ببابه، فلقيه بتاسالة، فقيده هنالك، وجاء به، فأحضره السلطان وقرعه، ثم حبسه مُدَّة، وأطلقه بين يدي مهلكه؛ واضطربت الدولة بعد موت السلطان أبي عنان، وبايع بنو مرين لبعض الأعياص من بني يعقوب بن عبد الحق. وحاصروا البلد الجديد، وبها ابنه السعيد، ووزيره المستبد عليه، الحسن بن عمر، وكان السلطان أبو سالم بالأندلس، غربه إليها أخوه السلطان أبو عنان، مع بني عمهم، ولد السلطان أبي علي بعد وفاة السلطان أبي الحسن، وحصولهم جميعاً في قبضته. فلما توفى، أراد أبو سالم النهوض لملكه بالمغرب، فمنعه رضوان القائم يومئذ بملك الأندلس، مستبداً على ابن السلطان أبي الحَجَّاج، فلحق هو بإشبيلية، من دار الحرب، ونزل على بطره، ملكهم يومئذ، فهيّأَ له السَّفِين، وأجازه إلى العدوة، فنزل بجبل الصفيحة، من بلاد غمارة، وقام بدعوته بنو مثنى، وبنو منير أهل ذلك الجبل منهم، حتى تم أمره، واستولى على ملكه، في خبر طويل، ذكرناه في أخبار دولتهم. وكان ابن مرزوق يداخله، وهو بالأندلس، ويستخدم له، ويفاوضه في أموره، وربما كان يكاتبه، وهو بجبل الصفيحة، ويداخل زعماء قومه، في الأخذ بدعوته. فلما ملك السلطان أبو سالم، رعى له تلك الوسائل أجمع، ورفعه على الناس، وألقى عليه محبته، وجعل زمام الأمور بيده، فوطئ الناس عقبه، وغشي أشراف الدولة بابه، وصرفوا الوجوه

إليه، فمرضت لذلك قلوب أهل الدولة، ونقموه على السلطان، وتربصوا به، حتى توَثَّب عمر ابن عبد الله بالبلد الجديد، وافترق الناس عن السلطان. وقتله عمر بن عبد الله آخر اثنتين وستين، وحبس ابن مرزوق وأغرى به سلطانه الني نصبه؛ محمد بن عبد الرحمن بن أبي الحسن، فامتحنه، واستصفاه، ثم أطلقه، بعد أن رام كثير من أهل الدولة قتله، فمنعه منهم. ولحق بتونس، سنة أربع وستين، ونزل. على السلطان أبي إسحق، وصاحب دولته المستبد عليه، أبي محمد بن تافراكين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015