رحله ابن خلدون (صفحة 263)

( ..... )، وركبوا جبل الصالحية، ثم انحطوا في شعابه، وساروا على شافة البحر إلى غزة، وركب الناس ليلاًيعتقدون أن السلطان سار على الطريق الأعظم إلى مصر، فساروا عصباً وجماعات على

شقحب إلى أن وصلوا إلى مصر، وأصبح أهل دمشق متحيرين قد عميت عليهم الأنباء.

وجاءني القضاة والفقهاء، واجتمعت بمدرسة العادلية، واتفق رأيهم على طلب الأمان من الأمير تمر على بيوتهم وحرمهم، وشاوروا في ذلك نائب القلعة، فأبى عليهم ذلك ونكره، فلم يوافقوه. وخرج القاضي برهان الدين بن مفلح الحنبلي ومعه شيخ الفقراء بزاوية. . . .، فأجابهم إلى التأمين، وردهم باستدعاء الوجوه والقضاة، فخرجوا إليه متدلين من السور بما صبحهم من التقدمة، فأحسن لقاءهم وكتب لهم الرقاع بالأمان، وردهم على أحسن الآمال، واتفقوا معه على فتح المدينة من الغد، وتصرف الناس في المعاملات، ودخول أمير ينزل بمحل الإمارة منها، ويملك أمرهم بعز ولايته.

وأخبرني القاضي برهان الدين أنه سأله عني، وهل سافرت مع عساكر مصر أو أقمت بالمدينة، فأخبره بمقامي بالمدرسة حيث كنت، وبتنا تلك الليلة على أهبة الخروج إليه، فحدث بين بعض الناس تشاجر في المسجد الجامع، وأنكر البعض ما وقع من الاستنامة إلى القول. وبلغني الخبر من جوف الليل، فخشيت البادرة على نفسي، وبكرت سحراً إلى جماعة القضاة عند الباب، وطلبت الخروج أو التدلي من السور، لما حدث عندي من توهمات ذلك الخبر، فأبوا علي أولاً، ثم أصخوا لي، ودلوني من السور، فوجدت بطانته عند الباب، ونائبه الذي عينه للولاية على دمشق، واسمه شاه ملك، من بني جقطاي أهل عصابته، فحييتهم وحيوني، وفديت وفدوني،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015