مسرورين بعوده وجبره. ودخل منتصف صفر من سنة إحدى وتسعين، وولى بطا دواداراً، وبعث عن الأمراء المحبوسين بالإسكندرية، وأعتبهم، وأعادهم إلى مراتبهم. وبعث الجوباني إلى دمشق، والناصري إلى حلب كما كانا، وعادت الدولة إلى ما كانت عليه. وولى سودون
على نيابته، وكان ناظراً بالخانقاه التي كنت فيها، وكان ينقم علي أحوالاً من معاصاته فيما يريد من الأحكام في القضاء أزمان كنت عليه، ومن تصرفات دواداره بالخانقاه، وكان يستنيبه عليها، فوغر صدره من ذلك، وكان الظاهر ينقم علينا معشر الفقهاء فتاوى استدعاها منا منطاش، وأكرهنا على كتابها، فكتبناها، وورينا فيها بما قدرنا عليه. ولم يقبل السلطان ذلك، وعتب عليه، وخصوصاً علي. فصادف سودون منه إجابة في إخراج الخانقاه عني، فولى فيها غيري وعزلني عنها. وكتبت إلى الجوباني بأبيات أعتذر عن ذلك ليطالعه بها، فتغافل عنها، وأعرض عني مدة، ثم عاد إلى ما أعرف من رضاه وإحسانه، ونص الأبيات:
سيدي والظنون فيك جميلة ... وأياديك بالأماني كفيله
لا تحل عن جميل رأيك إني ... ما لي اليوم غير رأيك حيله
واصطنعني كما اصطنعت بإسدا ... ء يد من شفاعة أو وسيله
لا تضعني فلست منك مضيعاً ... ذمة الحب، والأيادي الجميله