كان بينه وبين الناصري من المصافاة والمخالصة، فبعث عنه. ولما جاء حبسه بالإسكندرية، فلما ملك الناصري مصر، وأجلس أمير حاج بن الأشرف على التخت، بعث عنه ليستعين به على أمره، وارتابوا لغيبة الظاهر، وبالغوا في البحث عنه، فاستدعى الجوباني واستنام له، واستحلفه على الأمان، فحلف له، وجاء به إلى القلعة بعد أن ساور صاحبه الناصري في المضي إليه وتأمينه. وحبسوه في بعض قصور الملك، وتشاوروا في أمره، فأشار أمراء اليلبغاوية كلهم بقتله، وبالغ في ذلك منطاش، ووصل نعير أمير بني مهنا بالشام للصحابة بينه وبين الناصري، فحضهم على قتله، ومنع الجوباني من ذلك وفاء بيمينه، فغلت صدورهم منه. واعتزموا على بعثه إلى الكرك، ودافعوا منطاشاً بأنهم يبعثونه إلى الإسكندرية، فيعترضه عند البحر بما شاء من رأيه. ووثق بذلك، فقعد له عند المرساة، وخالفوا به الطريق إلى الكرك، وولوا عليها نائباً وأوصوه به، فأخفق مسعى منطاش، ودبر في اغتيال الدولة، وتمارض في بيته. وجاءه الجوباني عائذاً فقبض عليه، وحبسه بالإسكندرية، وركب منتقضاً، ووقف عند مدرسة الناصر حسن يحاصر الناصري بالقلعة. واستحاش هو بأمراء اليلبغاوية، فداهنوا في إجابته، ووقفوا بالرميلة أمام القلعة. ولم يزل ذلك بينهم أياماً حتى انفض جمع الناصري، وخرج هارباً، فاعترضه أصحاب الطريق بفارسكو، وردوه، فحبسة منطاش بالإسكندرية مع صاحبه، واستقل بأمر الملك. وبعث إلى الكرك بقتل الظاهر، فامتنع النائب، واعتذر بوقوفه على خط السلطان والخليفة والقضاة. وبث الظاهر عطاءه في عامة أهل الكرك، فانتدبت طائفة منهم لقتل البريدي الذي جاء في ذلك، فقتلوه، وأخرجوا الظاهر من محبسه فأصحروا. واستألف أفاريق من العرب، واتصل به بعض