القلعة، وهو في اتباعه، فلم يلفه بقصره، وأغرى به البحث فتقبض عليه، واستصفاه، وقتله، ونصب للملك محمد المنصور بن المظفر حاجي بن الناصر.
وقام بالدولة أحسن قيام، وأغرى نفسه بالاستكثار من المماليك، وتهذيبهم بالتربية، وتوفير النعم عندهم بالاقطاع، والولايات، حتى كمل منهم عدد لم تعهده الدولة. ثم
خلع المنصور بن المظفر لسنتين، ونصب مكانه للملك شعبان الأشرف بن حسين بن الناصر، فأقام على التخت وهو في كفالته، وهو على أوله في إعزاز الدولة، وإظهار الترف والثروة، حتى ظهرت مخايل العز والنعم، في المساكن والجياد والمماليك والزينة، ثم بطروا النعمة، وكفروا الحقوق، فحنقوا عليه لما كان يتجاوز الحدود بهم في الآداب، فهموا بقتله وخلصوا نجياً لذلك في متصيدهم الشتوي، وقد برزوا له بخيامهم وسلطانهم على عادتهم. ولما أحس بذلك ركب ناجياً بنفسه إلى القاهرة، فدخلوا على السلطان الأشرف، وجاءوا به على إثره، وأجازوا البحر، فقبضوا عليه عشي يومهم، ثم قتلوه في محبسه عشاء. وانطلقت أيديهم على أهل البلد بمعرات لم يعهدوها من أول دولتهم، من النهب والتخطف وطروق المنازل والحمامات للعبث بالحرم، وإطلاق أعنة الشهوات والبغي في كل ناحية، فمرج أمر الناس، ورفع الأمر إلى السلطان، وكثر الدعاء واللجأ إلى الله. واجتمع أكابر الأمر إلى السلطان، وفاوضوه في كف عاديتهم، فأمرهم بالركوب، ونادى في جنده ورعيته بانطلاق الأيدي عليهم، والاحتياط بهم في قبضة القهر، فلم يكن إلا كلمح البصر، وإذا بهم في قبضة الأسر. ثم عمرت بهم السجون، وصفدوا وطيف بهم على الجمال ينادى بهم، إبلاغاً في الشهرة، ثم وسط أكثرهم، وتتبع بالنفي والحبس بالثغور القصية، ثم أطلقوا بعد ذلك. وكان فيمن أطلق جماعة منهم بحبس الكرك: فيهم برقوق الذي ملك أمرهم بعد ذلك، وبركة الجوباني، وألطنبغا الجوباني وجهركس الخليلي.