رحله ابن خلدون (صفحة 220)

إلى الينبع، ورافقت المحمل إلى مكة، فقضيت الحج عامئذ، وعدت إلى مصر في البحر كما سافرت أولاً. وشغرت وظيفة الحديث بمدرسة صلغتمش، فولاني السلطان إياها بدلاً من مدرسته في محرم أحد وتسعين، ومضيت على حالي من الانقباض، والتدريس، والتأليف، حتى ولاني خانقاه بيبرس، ثم عزلني عنها بعد لسنة أو أزيد، بسبب أنا أذكره الآن.

ولاية خانقاه بيبرس، والعزل منها

لما رجعت من قضاء الفرض سنة تسعين، ومضيت على حالي من التدريس والتأليف، وتعاهد السلطان باللقاء والتحية والدعاء، وهو ينظر إلي بعين الشفقة، ويحسن المواعيد. وكانت بالقاهرة خانقاه شيدها السلطان بيبرس، ثامن ملوك الترك الذي استبد على الناصر محمد بن قلاوون هو ورفيقه سلار وأنف الناصر من استبدادهما، وخرج للصيد، فلما حاذى الكرك امتنع به، وتركهم وشأنهم، فجلس بيبرس على التخت مكانه، وكاتب الناصر أمراء الشام من مماليك أبيه، واستدعوه للقيام معه، وزحف بهم إلى مصر، وعاد إلى سلطانه، وقتل بيبرس وسلار سنة ثمان وسبعمائة. وشيد بيبرس هذا أيام سلطانه داخل باب النصر من أعظم المصانع وأحفلها، وأوفرها ريعاً، وأكثرها أوقافاً وعين مشيختها، ونظرها لمن يستعد له بشرطه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015