أهوال البحر

وطرأ علينا من مقابلة البر في الليل هول عظيم عصم الله منه بريح أرسلها الله تعالى في الحين من تلقاء البر فأخرجنا عنه والحمد لله على ذلك. وقام علينا نوء هال1 له البحر صبيحة يوم الثلاثاء المذكور فبقينا مترددين بسببه حول بر سردانية إلى يوم الأربعاء بعده فأطلع الله علينا في حال الوحشة وإنغلاق الجهات بالنوء فلا نميز شرقا من غرب مركبا للروم قصدنا إلى أن حاذانا فسئل عن مقصده فأخبر إنه يريد جزيرة صقلية وأنه من قرطاجنة عمل مرسية. وقد كنا استقبلنا طريقه التي جاء منها منه غير علم فأخذ نا عند ذلك في اتباع اثره والله الميسر لا رب سواه فخرج علينا طرف من بر سردانية المذكور فأخذ نا في الرجوع عودا على بدء إلى أن وصلنا طرفا من البر المذكور يعرف بقوسمركة وهو مرسى معروف عندهم فأرسينا به ظهر يوم الأربعاء المذكور والمركب المذكور معنا وبهذا الموضع المذكور اثر لبنيات قديم ذكر لنا إنه كان منزلا لليهود فيما سلف.

ثم أنا أقلعنا منه ظهر يوم الأحد السادس عشر من الشهر المذكور، وفي مدة مقامنا بالمرسى المذكور جددنا فيه الماء والحطب والزاد. وهبط واحد من المسلمين ممن يحفظ اللسان الرومي مع جملة من الروم إلى اقرب المواضع المعمورة منا فأعلمنا إنه رأى جملة من أسرى المسلمين نحو الثمانين بين رجال ونساء يباعون في السوق وكان ذلك عند وصول العدو دمره الله بهم من سواحل البحر ببلاد المسلمين والله يتداركهم برحمته

ووصل إلى المرسى المذكور يوم الجمعة الثالث من يوم ارسينا فيه سلطان الجزيرة المذكورة مع جملة من الخيل فنزل إليه اشياخ المركب من الروم واجتمعوا به وطال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015