معترضة بين الشرفات مخرّمة فرجيّة طولها نحو الثلاثين شبرا تقديرا، تقابل كل شقة منها صفحا من صفحات الكعبة المقدسة قد علت على الشرفات كالتاج.
وللصوامع أيضا اشكال بديعة، وذلك أنها ارتفعت بمقدار النصف، مركنة من الأربعة جوانب بحجارة رائعة النقش عجيبة الوضع، قد أحاط بها شباك من الخشب الغريب الصنعة، وارتفع عن الشباك عمود في الهواء كأنه مخروط مختم كله بالآجر تختيما يتداخل بعضه على بعض بصنعة تستميل الأبصار حسنا. وفي أعلى ذلك العمود الفحل وقد استدار به أيضا شباك آخر من الخشب على تلك الصنعة بعينها. وهي متميزة الأشكال كلها لا يشبه بعضها بعضا. لكنّها على هذا المثال المذكور، من كون نصفها الأول مركنا ونصفها الأعلى عمودا لا ركن له.
وفي النصف الأعلى من قبة زمزم والقبة العباسية التي تسمى السقاية والقبة التي تليها منحرفة عنها يسيرا المنسوبة لليهودية، صنعة من قرنصة الخشب عجيبة، قد تأنق الصانع فيها وأحدق بأعلاها شباك مشرجب من الخشب رائق الخلل والتأريج وداخل شباك قبة زمزم سطح وقد قام في وسطه شبه فحل الصومعة.
وفي ذلك السطح يؤذن الزمزمي، وقد انخرط من ذلك الفحل عمود من الجص واستقر في رأسه صفحة حديد تتخذ مشعلا في شهر رمضان المعظم.
وفي الصفح الناظر إلى البيت العتيق من القبة سلاسل فيها قناديل من زجاج معلقة توقد كل ليلة. وفي الصفح الذي عن يمينه كذلك، وهو الناظر إلى الشمال.
وفي كل جانب منها ثلاثة شراجيب مقومة كأنها أبواب قد قامت على سوار من الزجاج صغار لم ير أبدع منها صنعة، منها ما هو مفتول فتل السوار ولا سيّما الجانب الذي يقابل الحجر الاسود من قبة زمزم، فإن سواريه في نهاية من اتقان الصنعة، قد أدير بكل سارية منها رؤوس ثلاثة أو أربعة، وتحت ما بين كل رأس ورأس ... وأحدثت فيه صنائع من النقش عجيبة المنظر، وربما فتل بعضها عن الصفة السواريّة.