رخامة تجدها متصلة بالركن الاسود رخامة خضراء، ثم حمراء الى كمال الترتيب الموصوف.
وبإزاء المقام الكريم منبر الخطيب، وهو ايضا على بكرات أربع شبه التي ذكرناها. فاذا كان يوم الجمعة وقرب وقت الصلاة ضم الى صفح الكعبة الذي يقابل المقام، وهو بين الركن الاسود والعراقي، فيسند المنبر اليه. ثم يقبل الخطيب داخلا على باب النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يقابل المقام في البلاط الآخذ من الشرق الى الشمال لابسا ثوب سواد مرسوما بذهب ومتعمما بعمامة سوداء مرسومة أيضا وعليه طيلسان شرب رقيق، كل ذلك من كسا الخليفة التي يرسلها الى خطباء بلاده يرفل فيها وعليه السكينة والوقار، يتهادى رويدا بين رايتين سوداوين يمسكهما رجلان من قومة المؤذنين، وبين يديه ساعيا أحد القومة، وفي يده عود مخروط احمر قد ربط في رأسه مرس من الأديم المفتول رقيق طويل في طرفه عذبة صغيرة ينفضها بيده في الهواء نفضا فتأتي بصوت عال يسمع من داخل الحرم وخارجه كأنه ايذان بوصول الخطيب، ولا يزال في نفضها الى ان يقرب من المنبر، ويسمونها الفرقعة. فاذا قرب من المنبر عرج الى الحجر الأسود فقبله ودعا عنده ثم سعى الى المنبر والمؤذن الزمزمي، رئيس المؤذنين بالحرم الشريف، ساع أمامه لابسا ثياب السواد أيضا وعلى عاتقه السيف يمسكه بيده دون تقلد له، فعند صعوده في أول درجة قلده المؤذن المذكور السيف. ثم ضرب بنعلة سيفه فيها ضربة أسمع بها الحاضرين ثم في الثانية. ثم في الثالثة. فاذا انتهى الى الدرجة العليا ضرب ضربة رابعة ووقف داعيا مستقبل الكعبة بدعاء خفي. ثم انفتل عن يمينه وشماله وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيرد الناس عليه السلام. ثم يقعد ويبادر المؤذنون بين يديه في المنبر بالأذان على لسان واحد. فاذا فرغوا قام للخطبة فذكر ووعظ وخشع فأبلغ.
ثم جلس الجلسة الخطيبية وضرب بالسيف ضربة خامسة. ثم قام للخطبة الثانية فأكثر بالصلاة على محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله ورضّى عن أصحابه واختص الأربعة الخلفاء بالتسمية، رضي الله عن جميعهم، ودعا لعمي النبي،