قد قام على ثلاثة أعمدة من الساج مفرطة الطول، وبين كل عمود وعمود أربع خطا. وهي على طول البيت متوسطة فيه. فأحد الأعمدة، وهو أولها، يقابل نصف الصفح الذي يحف به الركنان اليمانيان. وبينه وبين الصفح مقدار ثلاث خطا. والعمود الثالث، وهو آخرها، يقابل الصفح الذي يحف به الركنان العراقي والشامي.
ودائر البيت كله من نصفه الأعلى مطلي بالفضة المذهبة المستحسنة، يخيل للناظر اليها أنها صفيحة ذهب لغلظها. وهي تحف بالجوانب الأربعة وتمسك مقدار نصف الجدار الأعلى.
وسقف البيت مجلل بكساء من الحرير الملون. وظاهر الكعبة كلها من الأربعة الجوانب مكسو بستور من الحرير الأخضر وسداها قطن وفي أعلاها رسم بالحرير الأحمر، فيه مكتوب: «إنّ أوّل بيت وضع للناس للّذي ببكّة» الآية، واسم الإمام الناصر لدين الله في سعته قدر ثلاث أذرع يطيف بها كلها. قد شكل في هذه الستور من الصنعة الغريبة التي تبصرها أشكال محاريب رائقة ورسوم مقروءة مرسومة بذكر الله تعالى وبالدعاء للناصر العباسي المذكور الآمر باقامتها، وكل ذلك لا يخالف لونها، وعدد الستور من الجوانب الأربعة أربعة وثلاثون سترا. وفي الصفحين الكبيرين منها ثمانية عشر، وفي الصفحين الصغيرين ستة عشر، وله خمسة مضاوئ، وعليها زجاج عراقي بديع النقش، أحدها في وسط السقف، ومع كل ركن مضوأ، والواحد منها لا يظهر لأنه تحت القبو المذكور بعد. وبين الأعمدة أكواس من الفضة عددها ثلاث عشرة واحداها من ذهب.
واول ما يلقى الداخل على الباب عن يساره الركن الذي خارجه الحجر الأسود، وفيه صندوقان فيهما مصاحف، وقد علاهما في الركن بويبان من فضة كأنهما طاقان ملصقان بزاوية الركن. وبينهما وبين الأرض ازيد من قامة. وفي