واكثر سكان هذه البلدة مع ما يليها من الصحراء والجبال أشراف علويون:
حسنيون وحسينيون وجعفريون، رضي الله عن سلفهم الكريم. وهم من شظف العيش بحال يتصدع له الجماد اشفاقا، ويستخدمون انفسهم في كل مهنة من المهن: من اكراء جمال ان كانت لهم، او مبيع لبن او ماء، الى غير ذلك من تمر يلتقطونه أو حطب يحتطبونه. وربما تناول ذلك نساءهم الشريفات بأنفسهن، فسبحان المقدر لما يشاء. ولا شك أنهم أهل بيت ارتضى الله لهم الآخرة ولم يرتض لهم الدنيا. جعلنا الله ممن يدين بحب أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وبخارج هذه البلدة مصانع قديمة تدل على قدم اختطاطها، ويذكر أنها كانت من مدن الفرس. وبها جباب منقورة في الحجر الصلد يتصل بعضها ببعض تفوت الإحصاء كثرة وهي داخل البلد وخارجه، حتى انهم يزعمون ان التي خارج البلد ثلاث مئة وستون جبا ومثل ذلك داخل البلد. وعاينا نحن جملة كثيرة لا يأخذها الإحصاء. وعجائب الموضوعات كثيرة، فسبحان المحيط علما بها.
وأكثر هذه الجهات الحجازية وسواها فرق وشيع لا دين لهم قد تفرقوا على مذاهب شتى. وهم يعتقدون في الحاج ما لا يعتقد في أهل الذمة، قد صيروهم من أعظم غلاتهم التي يستغلونها: ينتهبونهم انتهابا، ويسببون لاستجلاب ما بأيديهم استجلابا. فالحاج معهم لا يزال في غرامة ومؤونة الى أن ييسر الله رجوعه الى وطنه. ولولا ما تلافى الله به المسلمين في هذه الجهات بصلاح الدين لكانوا من الظلم في امر لا ينادى وليده ولا يلين شديده. فانه رفع ضرائب المكوس عن الحاج وجعل عوض ذلك مالا وطعاما يأمر بتوصيلهما الى مكثر أمير مكة، فمتى أبطأت عنهم تلك الوظيفة المترتبة لهم عاد هذا الأمير الى ترويع الحاج واظهار تثقيفهم بسبب المكوس. واتفق لنا من ذلك أن وصلنا