خيل لناظره انه صحن زجاج ازرق. فأقمنا على تلك الحال نرجو لطيف صنع الله عز وجل.
وهذه الجزيرة تعرف بجزيرة عائقة السفن، فعصمنا الله عز وجل من فأل اسمها المذموم، وله الحمد والشكر على ذلك.
شهر ربيع الآخر
استهل هلاله ليلة السبت ونحن بالجزيرة المذكورة ولم يظهر تلك الليلة للأبصار بسبب النوء لكن ظهر في الليلة الثانية كبيرا مرتفعا، فتحققنا اهلاله ليلة السبت المذكور، وهو الثالث والعشرون من شهر يوليه، وفي عشيّ يوم الأحد ثانية أرسينا بمرسى يعرف بأبحر، وهو على بعض يوم من جدة، وهو من أعجب المراسي وضعا، وذلك أن خليجا من البحر يدخل الى البر والبر مطيف به من كلتا حافتيه فترسي الجلاب منه في قرارة مكنّة هادئة.
فلما كان سحر يوم الاثنين بعده أقلعنا منه على بركة الله تعالى بريح فاترة، والله الميسر لا رب سواه فلما جن الليل أرسينا على مقربة من جدة وهي بمرأى العين منا. وحالت الريح صبيحة يوم الثلاثاء بعده بيننا وبين دخول مرساها، ودخول هذه المراسي صعب المرام بسبب كثرة الشعاب والتفافها. وأبصرنا من صنعة هؤلاء الرؤساء والنواتية في التصرف بالجلبة أثناءها أمرا ضخما، يدخلونها على مضايق ويصرّفونها خلالها تصريف الفارس للجواد الرطب العنان السلس القياد، ويأتون في ذلك بعجب يضيق الوصف عنه.
وفي ظهر يوم الثلاثاء الرابع من شهر ربيع الآخر المذكور، وهو السادس والعشرون من شهر يوليه، كان نزولنا بجدة حامدين لله عز وجل وشاكرين على السلامة والنجاة من هول ما عايناه في تلك الثمانية الأيام طول مقامنا على البحر، وكانت اهوالا شتى، عصمنا الله منها بفضله وكرمه، فمنها ما كان يطرأ من