والتصاوير على أنواع في كل بلاط من بلاطاته، فمنها ما قد جللته طيور بصور رائقة باسطة أجنحتها توهم الناظر اليها أنها تهمّ بالطيران، ومنها ما قد جللته تصاوير آدمية رائقة المنظر رائعة الشكل. قد أعدت لكل صورة منها هيئة هي عليها، كإمساك تمثال بيدها، أو سلاح، أو طائر، أو كأس، أو اشارة شخص الى آخر بيده، أو غير ذلك، مما يطول الوصف له ولا تتأتى العبارة لاستيفائه.
وداخل هذا الهيكل العظيم وخارجه وأعلاه وأسفله تصاوير كلها مختلفات الأشكال والصفة، منها تصاوير هائلة المنظر خارجة عن صور الآدميين يستشعر الناظر اليها رعبا ويتملأ منها عبرة وتعجبا. وما فيه مغرز اشفى ولا ابرة الا وفيه صورة أو نقش أو خط بالمسند لا يفهم. قد عم هذا الهيكل العظيم الشأن كله هذا النقش البديع. ويتأتى في صم الحجارة من ذلك ما لا يتأتى في الرخو من الخشب، فيحسب الناظر استعظاما له أن عمر الزمان لو شغل بترقيشه وترصيعه وتزيينه لضاق عنه. فسبحان الموجد للعجائب لا اله سواه.
وعلى أعلى هذا الهيكل سطح مفروش بألواح الحجارة العظيمة على الصفة المذكورة، وهو في نهاية الارتفاع، فيحار الوهم فيها، ويضل العقل في الفكرة في تطليعها ووضعها.
وداخل هذا الهيكل من المجالس والزوايا والمداخل والمخارج والمصاعد والمعارج والمسارب والموالج ما تضل فيه الجماعات من الناس ولا يهتدي بعضهم لبعض الا بالنداء العالي، وعرض حائطه ثمانية عشر شبرا، وهو كله من حجارة مرصوصة على الصفة التي ذكرناها.
وبالجملة فشأن هذا الهيكل عظيم ومرآه احدى عجائب الدنيا التي لا يبلغها الوصف ولا ينتهي اليها الحد، وانما وقع الإلماع بنبذة من وصفه دلالة عليه، والله المحيط بالعلم فيه والخبير بالمعنى الذي وضع له. فلا يظن المتصفح لهذا المكتوب أن في الإخبار عنه بعض غلوّ، فإن كل مخبر عنه، لو كان قسا بيانا، أو سحبانا