السلطان هذا الرسم اللعين ودفع عوضا منه ما يقوم مقامه من أطعمة وسواها، وعيّن مجبى موضع معيّن بأسره لذلك، وتكفل بتوصيل جميع ذلك الى الحجاز لأن الرسم المذكور كان باسم ميرة مكة والمدينة، عمّرهما الله، فعوض من ذلك أجمل عوض، وسهل السبيل للحجاج، وكانت في حيز الانقطاع وعدم الاستطلاع، وكفى الله المؤمنين على يدي هذا السلطان العادل حادثا عظيما وخطبا أليما. فترتب الشكر له على كل من يعتقد من الناس أن حج البيت الحرام احدى القواعد الخمس من الإسلام، حتى يعم جميع الآفاق ويوجب الدعاء له في كل صقع من الأصقاع وبقعة من البقاع، والله من وراء مجازاة المحسنين، وهو، جلت قدرته، لا يضيع أجر من أحسن عملا. الى مكوس كانت في البلاد المصرية وسواها ضرائب على كل ما يباع ويشترى مما دق أو جل، حتى كان يؤدّى على شرب ماء النيل المكس فضلا عما سواه. فمحا هذا السلطان هذه البدع اللعينة كلها وبسط العدل ونشر الأمن.

ومن عدل هذا السلطان وتأمينه للسبل أن الناس في بلاده لا يخلعون لباس الليل تصرفا فيما يعنيهم، ولا يستشعرون لسواده هيبة تثنيهم. على مثل ذلك شاهدنا أحوالهم بمصر والإسكندرية حسبما تقدم ذكره.

شهر محرم سنة تسع وسبعين

استهل هلاله ليلة الثلاثاء، وهو اليوم السادس والعشرون من أبريل، ونحن بمصر، يسر الله علينا مرامنا.

وفي صبيحة يوم الأحد السادس من محرم المذكور كان انفصالنا من مصر وصعودنا في النيل على الصعيد قاصدين الى قوص. عرفنا الله عادته الجميلة من التيسير وحسن المعونة بمنه، ووافق يوم اقلاعنا المذكور أول يوم من مايه «1»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015