وبين عكة وبيت المقدس ثلاثة أيام. وبين دمشق وبينه مقدار ثمانية أيام، وهو بين المغرب والقبلة من عكة الى جهة الإسكندرية، والله يعيده الى أيدي المسلمين، ويطهره من أيدي المشركين، بعزته وقدرته.
وهاتان المدينتان، عكة وصور، لا بساتين حولهما، وانما هما في بسيط من الأرض أفيح متصل بسيف البحر، والفواكه تجلب اليهما من بساتينهما التي بالقرب منهما، ولهما عمالة متسعة، والجبال التي تقرب منهما معمورة بالضياع، ومنها تجبى الثمرات اليهما. وهما من غر البلاد. ولعكة في الشرق منها، مع آخر البلد، واد يسيل ماء. ولها مع شاطئه مما يتصل بالبحر بسيط رمل لم ير أجمل منه منظرا ولا ميدان للخيل يشبهه، واليه ركوب صاحب البلد كل بكرة وعشية، وبه يجتمع العسكر، دمره الله. ولصور عند بابها البري عين معينة ينحدر اليها على أدراج. والآبار والجباب بها كثيرة لا تخلو دار منها، والله تعالى يعيد اليها والى اخواتها كلمة الإسلام بمنه وكرمه.
وفي يوم السبت الثامن والعشرين لجمادى المذكورة، والسادس لأكتوبر، صعدنا الى المركب، وهو سفينة من السفن الكبار، بمنة الله على المسلمين بالماء والزاد، وحاز المسلمون مواضعهم بانفراد عن الإفرنج. وصعده من النصارى المعروفين بالبلغريين، وهم حجاج بيت المقدس، عالم لا يحصى ينتهي الى أزيد من ألفي انسان، أراح الله من صحبتهم بعاجل السلامة ومأمول التسهيل