المسلمين. ولهم فيها مساجد أخر. فأعلمنا به أحد أشياخ أهل صور من المسلمين أنها أخذت منهم سنة ثماني عشرة وخمس مئة، وأخذت عكة قبلها باثنتي عشرة سنة بعد محاصرة طويلة وبعد استيلاء المسغبة عليهم؛ ذكر لنا انهم انتهوا منها لحال نعوذ بالله منها، وأنهم حملتهم الأنفة على أن هموا بركوب خطة عصمهم الله منها، وذلك أنهم عزموا على أن يجمعوا أهاليهم وابناءهم في المسجد الجامع ويحملوا السيف عليهم غيرة من تملك النصارى لهم ثم يخرجوا الى عدوّهم بعزمة نافذة ويصدموهم صدمة صادقة حتى يموتوا على دم واحد ويقضي الله قضاءه.
فمنعهم من ذلك فقهاؤهم والمتورعون منهم وأجمعوا على دفع البلد والخروج منه بسلام. فكان ذلك، وتفرقوا في بلاد المسلمين. ومنهم من استهواه حب الوطن فدعاه الى الرجوع والسكنى بينهم بعد أمان كتب لهم في ذلك بشروط اشترطوها، والله غالب على أمره، سبحانه جلت قدرته، ونفذت في البرية مشيئته، وليست له عند الله معذرة في حلول بلدة من بلاد الكفر الا مجتازا، وهو يجد مندوحة في بلاد المسلمين، لمشقات وأهوال يعانيها في بلادهم: منها الذلة والمسكنة الذميمة؛ ومنها سماع ما يفجع الأفئدة من ذكر من قدس الله ذكره، وأعلى خطره، لا سيما من أراذلهم وأسافلهم؛ ومنها عدم الطهارة، والتصرف بين الخنازير، وجميع المحرّمات؛ الى غير ذلك مما لا ينحصر ذكره ولا تعداده، فالحذر الحذر من دخول بلادهم، والله تعالى المسؤول حسن الإقالة والمغفرة من هذه الخطيئة التي زلت فيها القدم، ولم تتداركها الا بعد موافقة الندم، فهو سبحانه وليّ ذلك، لا رب غيره.
ومن الفجائع التي يعاينها من حلّ بلادهم اسرى المسلمين، يرسفون في القيود، ويصرفون في الخدمة الشاقة تصريف العبيد، والأسيرات المسلمات كذلك، في