يدهم جهة ثغر الإسكندرية عند فيض النيل وانغمار الارض به وامتناع سلوك العساكر بسببه. فأعد ذلك مسلكا في كل وقت ان احتيج الى ذلك. والله يدفع عن حوزة المسلمين كل متوقع ومحذور بمنه.
ولاهل مصر في شأن هذه القنطرة انذار من الانذارات الحدثانية يرون أن حدوثها ايذان باستيلاء الموحدين عليها وعلى الجهات الشرقية، والله أعلم بغيبه، لا إله سواه.
وبمقربة من هذه القنطرة المحدثة الاهرام القديمة، المعجزة البناء، الغريبة المنظر، المربعة الشكل، كأنها القباب المضروبة قد قامت في جو السماء، ولا سيما الاثنان منها، فانهما يغص الجو بهما سموا، في سعة الواحد منها من أحد أركانه الى الركن الثاني ثلاث مئة خطوة وست وستون خطوة. قد اقيمت من الصخور العظام المنحوتة. وركبت تركيبا هائلا بديع الإلصاق دون أن يتخللها ما يعين على الصاقها، محددة الأطراف في رأي العين، وربما أمكن الصعود اليها على خطر ومشقة فتلفى أطرافها المحددة كأوسع ما يكون من الرحاب، لو رام أهل الأرض نقض بنائها لأعجزهم ذلك.
للناس في أمرها اختلاف: فمنهم من يجعلها قبورا لعاد وبنيه، ومنهم من يزعم غير ذلك. وبالجملة فلا يعلم شأنها الا الله عز وجل.
ولأحد الكبيرين منها باب يصعد اليه على نحو القامة من الأرض أو أزيد ويدخل منه الى بيت كبير سعته نحو خمسين شبرا وطوله نحو ذلك. وفي جوف ذلك البيت رخامة طويلة مجوفة شبه التي تسميها العامة البيلة يقال انها قبر والله أعلم بحقيقة ذلك.
ودون الكبير هرم سعته من الركن الواحد الى الركن الثاني مئة واربعون