فيه من سقاية معينة. والمسجد كله ستور معلقة في جوانبه صغار وكبار. وفي المحراب حجر عظيم قد شق بنصفين والتحم بينهما ولم يبن النصف عن النصف بالكلية، يزعم الشيعة أنه انشق لعلي، رضي الله عنه، اما بضربة بسيفه أو بأمر من الأمور الإلهية على يديه. ولم يذكر عن علي، رضي الله عنه، أنه دخل قط هذا البلد، اللهم الا ان زعموا أنه كان في النوم، فلعل جهة الرؤيا تصح لهم اذ لا تصح لهم جهة اليقظة. وهذا الحجر أوجب بنيان هذا المشهد.

وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين بها. وقد عمروا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى: منهم الرافضة، وهم السبّابون؛ ومنهم الإمامية والزيدية، وهم يقولون بالتفضيل خاصة؛ ومنهم الاسماعيلية والنصيرية وهم كفرة فإنهم يزعمون الإلهية لعلي، رضي الله عنه، تعالى الله عن قولهم؛ ومنهم الغرابية، وهم يقولون: ان عليا، رضي الله عنه، كان أشبه بالنبي، صلى الله عليه وسلم، من الغراب بالغراب، وينسبون الى الروح الأمين، عليه السلام، قولا تعالى الله عنه علوا كبيرا؛ الى فرق كثيرة يضيق عنهم الإحصاء، قد أضلهم الله وأضل بهم كثيرا من خلقه، نسأل الله العصمة في الدين، ونعوذ به من زيغ لملحدين. وسلط الله على هذه الرافضة طائفة تعرف بالنبوية، سنيون يدينون بالفتوة وبأمور الرجولة كلها. وكل من الحقوه بهم لخصلة يرونها فيه منها يحزمونه السراويل فيلحقونه بهم، ولا يرون أن يستعدي أحد منهم في نازلة تنزل به، لهم في ذلك مذاهب عجيبة. واذا أقسم أحدهم بالفتوة برّ قسمه. وهم يقتلون هؤلاء الروافض أينما وجدوهم. وشأنهم عجيب في الأنفة والائتلاف.

ومن المشاهد المكرمة مشهد سعد بن عبادة رئيس الخزرج، صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو بقرية تعرف بالمنيحة شرقي البلد وعلى مقدار أربعة أميال منه. وعلى قبره مسجد صغير حسن البناء، والقبر في وسطه، وعند رأسه مكتوب: هذا قبر سعد بن عبادة رأس الخزرج، صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلّم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015