وهو في الحوض المبارك الذي طوله أربع عشر خطوة، وعرضه ست خطا، وهو مرخم كله، وارتفاعه شبر ونصف، وبينه وبين الروضة الصغيرة، التي بين القبر الكريم والمنبر، وفيها جاء الأثر أنها روضة من رياض الجنة، ثماني خطوات.
وفي هذه الروضة يتزاحم الناس للصلاة، وحق لهم ذلك. وبإزائها لجهة القبلة عمود، يقال: إنه مطبق على بقية الجذع الذي حن للنبي، صلى الله عليه وسلم، وقطعة منه في وسط العمود ظاهرة يقبلها الناس ويبادرون للتبرك بلمسها ومسح خدودهم فيها، وعلى حافتها في القبلة منها الصندوق. وارتفاع المنبر الكريم نحو القامة أو أزيد، وسعته خمسة أشبار، وطوله خمس خطوات، وأدراجه ثمانية، وله باب على هيئة الشباك مقفل يفتح يوم الجمعة، وطوله أربعة أشبار ونصف شبر.
والمنبر مغشى بعود الآبنوس، ومقعد الرسول صلى الله عليه وسلم، من أعلاه ظاهر قد طبق عليه بلوح من الآبنوس غير متصل به يصونه من القعود عليه، فيدخل الناس أيديهم اليه ويتمسحون به تبركا بلمس ذلك المقعد الكريم.
وعلى رأس رجل المنبر اليمنى، حيث يضع الخطيب يده اذا خطب، حلقة فضة مجوفة تشبه حلقة الخياط التي يضعها في اصبعه صفة لا صغرا لأنها أكبر منها، لاعبة تستدير في موضعها، يزعم الناس أنها لعبة الحسن والحسين، رضي الله عنهما، في حال خطبة جدّهما، صلوات الله وسلامه عليه.
وطول المسجد الكريم مئة خطوة وست وتسعون خطوة، وسعته مئة وست وعشرون خطوة، وعدد سواريه مئتان وتسعون، وهي أعمدة متصلة بالسمك دون قسي تنعطف عليها، فكأنها دعائم قوائم، وهي من حجر منحوت قطعا قطعا ململمة مثقبة توضع أنثى في ذكر ويفرغ بينهما الرصاص المذاب الى أن تتصل عمودا قائما، وتكسى بغلالة جيار، ويبالغ في صقلها ودلكها فتظهر كأنها رخام أبيض.
والبلاط المتصل بالقبلة من الخمسة بلاطات المذكورة تحف به مقصورة تكتنفه