هندسي غريب. ولسائر الامراء الواصلين صحبة هذا الامير مضارب دون ذلك لكنها على تلك الصفة، وقباب بديعة المنظر عجيبة الشكل قد قامت كأنها التيجان المنصوبة، الى ما يطول وصفه ويتسع القول فيه من عظيم احتفال هذه المحلة في الآلة والعدة وغير ذلك مما يدل على سعة الاحوال وعظيم الانخراق في المكاسب والاموال.
ولهم أيضا في مراكبهم على الإبل قباب تظلهم بديعة المنظر عجيبة الشكل قد نصبت على محامل من الاعواد يسمونها القشاوات، وهي كالتوابيت المجوفة، هي لركابها من الرجال والنساء كالامهدة للأطفال، تملأ بالفرش الوثيرة، ويقعد الراكب فيها مستريحا كأنه في مهاد لين فسيح وبإزائه معادله أو معادلته في مثل ذلك من الشقة الاخرى، والقبة مضروبة عليهما، فيسار بهما وهما نائمان لا يشعران، أو كيفما أحبا، فعندما يصلان الى المرحلة التي يحطان بها ضرب سرادقهما للحين ان كانا من أهل الترفّه والنعم فيدخل بهما راكبين وينصب لهما كرسيّ ينزلان عليه، فينتقلان من ظل قبة المحمل الى قبة المنزل دون واسطة هواء يلحقهما ولا خطفة شمس تصيبهما. وناهيك من هذا الترفيه! فهؤلاء لا يلقون لسفرهم، وان بعدت شقته، نصبا، ولا يجدون على طول الحل والترحال تعبا.
ودون هؤلاء في الراحة راكبوا المحارات، وهي شبيهة الشقادف التي تقدم وصفها في ذكر صحراء عيذاب، لكن الشقادف أبسط وأوسع، وهذه أضمّ واضيق، وعليها أيضا ظلائل تقي حر الشمس. ومن قصرت حاله عنها في هذه الأسفار فقد حصل على نصب السفر الذي هو قطعة من العذاب.
ثم يرجع القول الى استيفاء حال النفر عشية الوقفة المذكورة بعرفات، وذلك أن الناس نفروا منها بعد غروب الشمس، كما تقدم الذكر، فوصلوا مزدلفة مع