واحدا واحدا وكتبت أسماؤهم وصفاتهم وأسماء بلادهم، وسئل كل واحد عما لديه من سلع أو ناضّ «1» ليؤدي زكاة ذلك كله دون أن يبحث عما حال عليه الحول من ذلك أو ما لم يحل. وكان أكثرهم متشخصين لأداء الفريضة لم يستصحبوا سوى زاد لطريقهم، فلزّموا أداء زكاة ذلك دون أن يسأل احال عليه الحول أم لا واستنزل احمد بن حسان منا ليسأل عن أنباء المغرب وسلع المركب.
فطيف به مرقّبا على السلطان أولا ثم على القاضي ثم على أهل الديوان ثم على جماعة من حاشية السلطان. وفي كلّ يستفهم ثم يقيد قوله. فخلي سبيله، وأمر المسلمون بتنزيل أسبابهم وما فضل من أزودتهم، وعلى ساحل البحر أعوان يتوكلون بهم وبحمل جميع ما أنزلوه الى الديوان. فاستدعوا واحدا واحدا وأحضر ما لكل واحد من الأسباب، والديوان قد غص؟. فوقع التفتيش لجميع الأسباب، ما دق منها وما جل، واختلط بعضها ببعض، وادخلت الأيدي الى أوساطهم بحثا عما عسى أن يكون فيها. ثم استحلفوا بعد ذلك هل عندهم غير ما وجدوا لهم أم لا.
وفي أثناء ذلك ذهب كثير من أسباب الناس لاختلاط الأيدي وتكاثر الزحام، ثم أطلقوا بعد موقف من الذل والخزي عظيم، نسأل الله أن يعظم الأجر بذلك. وهذه لا محالة من الامور الملبّس فيها على السلطان الكبير المعروف بصلاح الدين، ولو علم بذلك على ما يؤثر عنه من العدل وايثار الرفق لأزال ذلك، وكفى الله المؤمنين تلك الخطة الشاقة واستؤدوا «2» الزكاة على أجمل الوجوه. وما لقينا ببلاد هذا الرجل ما يلم به قبيح لبعض الذكر سوى هذه الاحدوثة التي هي من نتائج عمال الدواوين.
فأول ذلك حسن وضع البلد واتساع مبانيه، حتى إنّا ما شاهدنا بلدا أوسع