الذي حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تحزب الأحزاب حصن خرب يعرف بحصن العزاب. يقال أن عمر بناه لعزاب المدينة. وأمامه إلى جهة الغرب بئر رومة التي اشترى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه نصفها بعشرين ألفا1. ومن المشاهد الكريمة أحد وهو الجبل المبارك الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما: "إن أحدا جبل يحبنا ونحبه". وهو بجوار المدينة الشريفة على نحو فرسخ منها وبإزائه الشهداء المكرمون رضي الله عنهم وهنالك قبر حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وحوله الشهداء المستشهدون في أحد رضي الله عنهم وقبورهم لقبلي أحد وفي طريق أحد مسجد ينسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ومسجد ينسب إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه ومسجد الفتح حيث أنزلت سورة الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت إقامتنا بالمدينة الشريفة في هذه الوجهة أربعة أيام وفي كل ليلة نبيت بالمسجد الكريم والناس قد حلقوا في صحنه حلقا وأوقدوا الشمع الكبير وبينهم ربعات القرآن الكريم يتلونه وبعضهم يذكرون الله وبعضهم في مشاهدة التربة الطاهرة زادها الله طيبا والحداة بكل جانب يترنمون بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا دأب الناس في تلك الليالي المباركة ويجودون بالصدقات الكثيرة على المجاورين والمحتاجين. وكان في صحبتي في هذه الوجهة من الشام إلى المدينة الشريفة رجل من أهلها فاضل يعرف بمنصور بن شكل وأضافني بها اجتمعنا بعد ذلك بحلب وبخارى. وكان في صحبتي أيضا قاضي الزيدية شرف الدين قاسم بن شنان. وصحبني أيضا أحد الصلحاء الفقراء من أهل غرناطة يسمى بعلي بن حجر الأموي.
ولما وصلنا إلى المدينة كرمها الله على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام ذكر لي علي بن حجر المذكور أنه رأى تلك الليلة في النوم قائلا يقول له اسمع مني واحفظ عني: