الله محمد بن الحسين بن عبد الله القرشي الزبيدي – بضم الزاي نسبة إلى قرية بساحل المهدية وهو أحد الفضلاء وفاته عام أربعين وفي يوم وصولي إلى تلسمان خرج عنها الرسولان المذكوران فأشار علي بعض الإخوان بمرافقتهما فاستخرت الله عز وجل في ذلك وأقمت بتلسمان ثلاثا في قضاء مآربي وخرجت أجد السير في آثارهما، فوصلت مدينة مليانة وأدركتهما بها وذلك في إبان القيظ فلحق الفقيهين مرض أقمنا بسببه عشرا ثم ارتحلنا وقد اشتد المرض بالقاضي منهما فأقمنا ببعض المياه على مسافة أميال من مليانة ثلاثا، وقضى القاضي نحبه ضحى اليوم الرابع فعاد ابنه أبو الطيب ورفيقه أبو عبد الله الزبيدي إلى مليانة فقبروه بها وتركتهم هنالك وارتحلت مع رفقة من تجار تونس منهم الحاج مسعود بن المنتصر والحاج العدولي ومحمد بن الحجر فوصلنا مدينة الجزائر وأقمنا بخارجها أياما إلى أن أقدم الشيخ أبو عبد الله وابن القاضي فتوجهنا جميعا على منجبة جبل الزان ثم وصلنا إلى مدينة بجاية فنزل الشيخ أبو عبد الله بدار قاضيها أبي عبد اللعه الزواوي ونزل أبو الطيب ابن القاضي بدار الفقيه أبي عبد الله المفسر وكان أمير بجاية إذ ذاك أبا عبد الله محمد بن سيد الناس الحاجب وكان قد توفي من تجار تونس الذين صحبتهم من مليانة محمد بن الحجر الذي تقدم ذكره وترك ثلاثة آلآف دينار من الذهب وأوصى بها لرجل من أهل الجزائر يعرف بابن حديدة ليوصلها إلى ورثته بتونس فانتهى خبره لابن سيد الناس المذكور فانتزعها من يده وهذا أول ما شاهدته من ظلم عمال الموحدين وولاتهم ولما وصلنا إلى بجاية كما ذكرته أصابتني الحمى فأشار علي أبو عبد الله الزبيدي بالإقامة فيها حتى يتمكن البرد مني فأبيت وقلت أن قضى الله عز وجل بالموت فتكون وفاتي بالطريق وأنا قاصد أرض الحجاز فقال لي أما أن عزمت فبع دابتك وثقل المتاع وأنا أعيرك دابة وخباء وتصحبنا خفيفا فإننا نجد السير خوف غارة العرب في الطريق ففعلت هذا وأعارني ما وعد به جزاه الله خيرا وكان ذلك أول ما ظهر لي من الألطاف الإلهية في تلك الوجهة الحجازية وسرنا إلى أن وصلنا إلى مدينة قسنطينة1 فنزلنا خارجها وأصابنا مطر جود اضطررنا إلى الخروج عن الأخبية ليلا إلى دور هنالك فلما