زرع بها ولا سمن ولا زيت، وإنما يجلب لها ذلك من بلاد المغرب. وأكل أهلها التمر والجراد وهو كثير عندهم يختزنونه كما يختزن التمر ويقتاتون به ويخرجون إلى صيده قبل طلوع الشمس فإنه لا يطير إذاك لأجل البرد. وأقمنا ببُودَا أياماً ثم سافرنا في قافلة، ووصلنا في أوسط ذي القعدة إلى مدينة سجلماسة. وخرجت منها في ثاني ذي الحجة وذلك أوان البرد الشديد ونزل بالطريق ثلج كثير. ولقد رأيت الطرق الصعبة والثلج الكثير ببخارى وسمرقند وخراسان وبلاد الأتراك، فلم أر أصعب من طريق أم جنيبة. ووصلنا ليلة عيد الأضحى إلى دار الطمع، فأقمت هنالك يوم عيد الأضحى، ثم خرجت فوصلت إلى حضرة فاس، حضرة مولانا أمير المؤمنين أيده الله، فقبلت يده الكريمة وتيمنت بمشاهدة وجهه المبارك، وأقمت في كنف إحسانه بعد طول الرحلة. والله تعالى يشكر ما أولانية من جزيل إحسانه، وسابغ امتنانه ويديم أيامه ويمتع المسلمين بطول بقائه. وههنا انتهت الرحلة المسماة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. وكان الفراغ من تقييدها في ثالث ذي الحجة عام ستة وخمسين وسبعمائة.

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015