يديه، ويحقق ما يؤمله في الفتح بلاد الكفار، وشتّ شمل عباد الصليب. وتذكرت حين هذا التقييد قول الأديب البليغ المفلق أبي عيد الله محمد بن غالب الرصافي البلنسي، رحمه الله، في وصف هذا الجبل المبارك من قصيدته الشهيرة في مدح عبد المؤمن بن علي1 التي أولها:
لو جئت نار الهدى من جانب الطور ... قبست ما شئت من علم ومن نور
وفيها يقول في وصف الجبل وهو من البديع الذي لم يسبق إليه بعد وصفه السفن وجوازها:
حتى رمت جبل الفتحين من2 جبل
... معظم القدر في الأجيال مذكور3
من شامخ الأنف في سحنائه طلس4
... له من الغيم جيب غير مزرور
تمسي النجوم على تكليل مفرقه ... في الجو حائمة مثل الدنانير
فربما مسحته من ذوائبها ... بكل فضل على فوديه مجرور
وادردٍ5 من ثناياه بما أخذت ... منه معاجم أعواد الدهارير
محنك حلب الأيام أشطرها ... وساقها سَوق حادي العير للعير
مقيد الخطو جوّال الخواطر في ... عجيب أمر به من ماض ومنظور
قد واصل الصمت والإطراق مفتكراً ... بادي السكينة مُغْبَرَّ الأسارير