فمه، وجعل أقارب القان المذكورون في نواويس ومعهم سلاحهم وأواني دورهم وصلبوا على قبور كبارهم. وكانوا عشرة: ثلاثة من الخيل على كل قبر وعلى قبور الباقين فرساً فرساً. وكان هذا اليوم يوما مشهوداً لم يتخلف عنه أحد من الرجال ولا النساء والمسلمين والكفار وقد لبسوا أجمعون ثياب العزاء وهي الطيالسة البيض للكفار والثياب البيض للمسلمين. وأقام خواتين القان وخواصه في الأخبية على قبره أربعين يوماً وبعضهم يزيد على ذلك إلى سنة. وصنعت هنالك سوق يباع فيها ما يحتاجون إليه من طعام وسواه. وهذه الأفعال لا أذكر أن أمة تفعلها سواهم في هذا العصر. فأما الكفار من الهنود وأهل الصين فيحرقون موتاهم وسواهم من الأمم يدفنون الميت ولا يجعلون معه أحداً لكن أخبرني الثقات ببلاد السودان أن الكفار منهم إذا مات ملكهم صنعوا له ناووسا وأدخلوا معه بعض خواصه وخدامه وثلاثين من أبناء كبارهم وبناتهم بعد أن يكسروا أيديهم وأرجلهم ويجعلون معهم أواني الشراب. وأخبرني بعض كبار مسوفة ممن يسكن بلاد كوبر مع السودان واختصة سلطانهم أنه كان له ولد. فلما مات سلطانهم أرادوا أن يدخلوا ولده مع من أدخلوه من أولادهم، قال: فقلت لهم كيف تفعلون ذلك وليس على دينكم ولا من ولدكم؟ ثم فديته منهم بمال عريض. ولما قتل القان كما ذكرناه واستولى ابن عمه فيروز على الملك اختار أن تكون حضرته مدينة قَرَاقُرُم "وضبطها بفتح القاف الأول والراء وضم الثانية وضم الراء الثانية"، لقربها من بلاد بني عمه ملوك تركستان وما وراء النهر. ثم خالفت عليه الأمراء ممن لم يحضر لقتل القان وقطعوا الطرق وعظمت الفتن.

ولما وقع الخلاف وتسعرت الفتن أشار علي الشيخ برهان الدين وسواه أن أعود إلى الصين قبل تمكن الفتن، ووقفوا معي إلى نائب السلطان فيروز، فبعث معي ثلاثة من أصحابه وكتب لي بالضيافة. وسرنا منحدرين في النهر إلى الخنسا ثم إلى قنجفو ثم إلى الزيتون. فلما وصلتها وجدت الجنوك على السفر إلى الهند وفي جملتها جنك للملك الظاهر صاحب الجاوة وأهله مسلمون. وعرفني وكيله وسر بقدومي. وصادفنا الريح الطيبة عشرة أيام، فلما قاربنا بلاد طوالسي تغيرت الريح، وأظلم الجو وكثر المطر، وأقمنا عشرة أيام لا نرى الشمس. ثم دخلنا بحراً لا نعرفه وخاف أهل الجنك فأرادوا الرجوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015