البحر وكتابه، وكتبوا من يسافر فيه من الرماة والخدام والبحرية وحينئذ يباح لهم السفر. فإذا عاد الجنك إلى الصين صعدوا إليه أيضاً وقابلوا ما كتبوه بأشخاص الناس فإن فقدوا أحدا مما قيدوه طلبوا صاحب الجنك به. فإما أن يأتي ببرهان على موته أو فراره أو غير ذلك مما يحدث عليه وإلا أخذ فيه. فإذا فرغوا من ذلك أمروا صاحب المركب أن يملي عليهم تفصيلاً بجميع ما فيه من السلع قليلها وكثيرها ثم ينزل من فيه ويجلس حفاظ الديوان لمشاهدة ما عندهم. فإن عثروا على سلعة قد كتمت عنهم عاد الجنك بجميع ما فيه مالاً للمخزن وذلك نوع من الظلم ما رأيته ببلاد من بلاد الكفار ولا المسلمين إلا بالصين، اللهم إلا أنه كان بالهند ما يقرب منه.
وإذا قدم التاجر المسلم على بلد من بلاد الصين خيّر في النزول عند تاجر من المسلمين المتوطنين معين أو في الفندق، فإن أحب النزول عند التاجر حصر ماله وضمنه التاجر المستوطن وأنفق عليه منه بالمعروف. فإذا أراد السفر بحث عن ماله فإن وجد شيء منه قد ضاع أغرمه التاجر المستوطن الذي ضمنه، وإن أراد النزول بالفندق سلم ماله لصاحب الفندق وضمنه وهو يشتري له ما أحب ويحاسبه فإن أراد التسري اشترى له جارية وأسكنه بدار يكون بابها في الفندق وأنفق عليهما. والجواري رخيصات الأثمان؛ لأن أهل الصين أجمعين يبيعون أولادهم وبناتهم وليس ذلك عيباً عندهم غير أنهم لا يجبرون على السفر مع مشتريهم ولا يمنعون أيضاً منه إن اختاروه. وكذلك أن أراد التزوج تزوج. وأما إنفاق ماله في الفساد فشيء لا سبيل له إليه. ويقولون: لا نريد أن يسمع في بلاد المسلمين أنهم يخسرون أموالهم في بلادنا، فإنها أرض ضلال.
وبلاد الصين آمن البلاد وأحسنها حالاً للمسافرين. فإن الإنسان يسافر منفرداً مسيرة تسعة أشهر وتكون معه الأموال الطائلة فلا يخاف عليها. وترتيب ذلك أنّ لهم في كل منزل ببلادهم فندقاً عليه حاكم يسكن به في جماعة من الفرسان والرجال، فإذا كان بعد المغرب والعشاء جاء الحاكم إلى الفندق ومعه كاتبه فكتب أسماء جميع من يبيت به من المسافرين وختم عيها وأقفل باب الفندق عليهم. فإذا كان بعد الصبح جاء ومعه كاتبه فدعا كل