مضمومة وواو" وبِتْنا به وتركت فيه الجواري وبعض الغلمان والأصحاب. ووصلنا في اليوم الثاني إلى محلة السلطان. وسلطان بلاد المعبر هو غياث الدين الدامغاني وكان أول أمره فارساً من فرسان الملك مجير بن أبي الرجا، أحد خدام السلطان محمد، ثم خدم الأمير حاجي بن السيد السلطان جلال الدين ثم ولي الملك. وكان يدعى سراج الدين قبله فلما ولي تسمى غياث الدين. وكانت بلاد المعبر تحت حكم السلطان محمد ملك دهلي، ثم ثار بها صهري الشريف جلال الدين أحسن شاه وملك بها خمسة أعوام ثم قتل. وولي أحد أمرائه وهو علاء الدين أُدَيْجِي "بضم الهمزة وفتح الدال المهمل وسكون الياء آخر الحروف وكسر الجيم" فملك سنة ثم خرج إلى غزو الكفار فأخذ لهم أموالاً كثيرة وغنائم واسعة وعاد إلى بلاده. وغزاهم في السنة الثانية فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة. واتفق يوم قتله لهم أن رفع المغفر عن رأسه ليشرب فأصابه سهم غرب، فمات من حينه. فولوا صهره قطب الدين. ثم لم يحمدوا سيرته فقتلوه بعد أربعين يوماً. وولي بعده السلطان غياث الدين وتزوج بنت السلطان الشريف جلال الدين التي كنت متزوجا أختها بدهلي.
ولما وصلنا إلى قرب من منزل السلطان غياث الدين بعث بعض الحجاب لتلقينا وكان قاعداً في برج خشب. وعادتهم بالهند كلها أن لا يدخل أحد على السلطان دون خف ولم يكن عندي خف فأعطاني بعض الكفار خفاً. وكان هنالك من المسلمين جماعة فعجبت من كون الكفار كان أتم مروءة منهم. ودخلت على السلطان فأمرني بالجلوس ودعا القاضي الحاج صدر الزمان بهاء الدين وأنزلني في جواره في ثلاثة من الأخبية وهم يسمونها الخيام وبعث بالفرش وبطعامهم وهو الأرز واللحم. وعادتهم هنالك أن يسقوا اللبن الرائب على الطعام كما يفعل ببلادنا. ثم اجتمعت به بعد ذلك وألقيت له أمر جزائر ذيبة المهل وأن يبعث الجيش إليها فأخذ في ذلك بالعزم وعين المراكب لذلك وعين الهدية لسلطانتها والخلع للوزراء والأمراء والعطايا لهم وفوض إلي في عقد نكاحه مع أخت السلطانة وأمر بوثق ثلاثة مراكب بالصدقة لفقراء الجزائر. وقال لي: يكون رجوعك بعد خمسة أيام. فقال له قائد البحر خواجة سرلك: لا يمكن السفر إلى الجزائر إلا بعد ثلاثة أشهر من الآن. فقال لي السلطان: أما إذا كان الأمر هكذا فامض إلى فتن حتى تقضي هذه الحركة وتعود إلى حضرتنا مترة،