لأدخل إليها فوحل العشاري في الطين وبقي بيننا وبين البلد نحو ميل فكنت لما نزلنا في الوحل أتوكأ على رجلين من أصحابي وخوفني الناس من وصول المد قبل وصولي إليها وأنا لا أحسن السباحة ثم وصلت إليها وطفت بأسواقها ورأيت بها مسجداً ينسب للخضر وإلياس عليهما السلام صليت به المغرب ووجدت به جماعة من الفقراء الحيدرية مع شيخ لهم ثم عدت إلى المركب.
وكان لقوقة سلطان يسمى دُنْكُول "بضم الدال المهمل وسكون النون وضم الكاف وواو ولام" وكان يظهر الطاعة لملك الهند وهو في الحقيقة عاص. وبما أقعلنا عن هذه المدينة وصلنا بعد ثلاثة أيام إلى جزيرة سَنْدَابُور "وضبط اسمها بفتح السين المهمل وسكون النون وفتح الدال المهمل وألف وباء موحدة وواو مد وراء"وهي جزيرة في وسطها ست وثلاثون قرية، ويدور بها خور، واذا كان الجزر فماؤها عذب طيب وإذا كان المد فهو ملح أجاج. وفي وسطها مدينتان: إحداهما قديمة من بناء الكفار، والثانية بناها المسلمون عند استفتاحهم لهذه الجزيرة الفتح الأول، وفيها مسجد جامع عظيم يشبه مساجد بغداد عمره الناخوذة حسن والد السلطان جمال الدين محمد الهنوري وسيأتي ذكره. وذكر عند حضوري معه لفتح الجزيرة الفتح الثاني - إن شاء الله. وتجاوزنا هذه الجزيرة لما مررنا بها ورسينا على جزيرة صغيرة قريبة من البر فيها كنيسة وبستان وحوض ماء ووجدنا فيها أحد الجوكية.
ولما نزلنا بهذه الجزيرة الصغرى وجدنا بها جوكيا مستنداً إلى حائط بدخانة وهي بيت الأصنام وهو فيها بين صنمين منها وعليه أثر المجاهدة فكلمناه فلم يتكلم ونظرنا هل معه طعام فلم نر معه طعاماً، وفي حين نظرنا صاح صيحة عظيمة فسقطت عند صياحه جوزة من جوز النارجيل بين يديه ودفعها لنا فعجبنا من ذلك ودفعنا له دنانير ودراهم فلم يقبلها وأتيناه بزاد فرده وكانت بين يديه عباءة من صوف الجمال مطروحة فقبلتها بيدي فدفعها لي وكانت بيدي سبحة زيلع فقبلها في يدي فأعطيته إياها ففركها بيده وشمها وقبلها وأشار إلى السماء ثم إلى سمت القبلة فلم يفهم أصحابي إشارته وفهمت أنا عنه أنه أشار أنه مسلم يخفي إسلامه من أهل تلك الجزيرة ويتعيش من تلك الجوز. ولما وادعناه قبلت يده فأنكر أصحابي ذلك ففهم إنكارهم فأخذ يدي