المذكور والناخوذة إلياس، وكان من كفار أهل هذه المدينة وملك الحكماء الذي تقدم ذكره، على أن يمتنعوا منه بهذه المدينة. وشرعوا في حفر خندق عليها إذ لا سور لها فتغلب عليهم ودخلها. واختفى الثلاثة المذكورون في دار واحدة وخافوا أن يتطلع عليهم فاتفقوا على أن يقتلوا أنفسهم فضرب كل واحد منهم صاحبه بقتارة، وقد ذكرنا صفتها. فمات اثنان منهم ولم يمت ملك الحكماء. وكان من كبار التجار أيضاً بها نجم الدين الجيلاني، وكان حسن الصورة كثير المال، وبنى بها داراً عظيمة ومسجداً. ثم بعث السلطان عنه وأمره عليها وأعطاه المراتب فكان ذلك سبب تلف نفسه وماله. وكان أمير كنباية حين وصلنا إليها مقبل التلنكي وهو كبير المنزلة عند السلطان وكان صحبته الشيخ زاده الأصبهاني نائباً عنه في جميع أمره وهذا الشيخ له أموال عظيمة وعنده معرفة بأمور السلطنة ولا يزال يبعث الأموال إلى بلاده ويتحيل في الفرار وبلغ خبره إلى السلطان وذكر عنه أنه يروم الهروب فكتب إلى مقبل أن يبعثه على البريد وأحضر بين يدي السلطان ووكل به. والعادة عنده أنه متى وكل بأحد فقلما ينجو فاتفق هذا الشيخ مع الموكل به على مال يعطيه إياه، وهربا جميعاً. وذكر لي أحد الثقات أنه رآه في ركن مسجد بمدينة قلهات وأنه وصل بعد ذلك إلى بلاده فحصل على أمواله وأمن مما كان يخافه.
وأضافنا الملك مقبل يوماً بداره فكان من النادر أن جلس قاضي المدينة وهو أعور العين اليمنى وفي مقابلته شريف بغداد شديد الشبه به في صورته وعوره إلا أنه أعور اليسرى. فجعل الشريف ينظر إلى القاضي ويضحك فزجره القاضي فقال له لا تزجرني، فإني أحسن منك. قال: كيف ذلك؟ قال: لأنك أعور اليمنى وأنا أعور اليسرى فضحك الأمير والحاضرون وخجل القاضي ولم يستطع أن يرد عليه، لأن الشرفاء ببلاد الهند معظمون أشد التعظيم. وكان بهذه المدينة من الصالحين الحاج ناصر من أهل ديار بكر وسكناه بقبة من قباب الجامع. دخلنا إليه وأكلنا من طعامه واتفق له لما دخل القاضي جلال مدينة كنباية حين خلافه أنه أتاه وذكر للسلطان أنه دعا له فهرب لئلا يقتل كما قتل الحيدري. وكان بها أيضاً من الصالحين التاجر خواجة إسحاق وله زاوية يطعم فيها الوارد والصادر وينفق على الفقراء والمساكين وماله على هذا ينمى ويزيد كثرة. وسافرنا من هذه المدينة إلى بلد كاوي، وهي