وأخبرني الملك خطاب الأفغاني أنه سجن مرة في جب بهذه القلعة يسمى جب الفيران قال فكانت تجتمع عليّ ليلاً لتأكلني فأقاتلها وألقي من ذلك جهداً، ثم إني رأيت في النوم قائلاً يقول لي اقرأ سورة الاخلاص مائة ألف مرة ويفرج الله عنك. قال: فقرأتها فلما أتممتها أخرجت. وكان سبب خروجي أن ملك مل كان مسجوناً في جب يجاورني فمرض وأكلت الفيران أصابعه وعينيه فمات فبلغ ذلك السلطان فقال: اخرجوا خطاب لئلاّ يتفق له مثل ذلك. وإلى هذه القلعة لجأ ناصر الدين بن ملك مل المذكور والقاضي جلال حين هزمهما السلطان. وأهل بلاد دولة آباد هم قبيل المرهتة الذين خص الله نساءهم بالحسن وخصوصاً في الأنوف والحواجب. ولهن من طيب الخلوة والمعرفة بحركات الجماع ما ليس لغيرهن. وكفار هذه المدينة أصحاب تجارات وأكثر تجاراتهم في الجوهر وأموالهم طائلة وهم يسمون الساهة واحدهم ساه. وهم مثل الأكارم بديار مصر. وبدولة آباد العنب والرمان ويثمران مرتين في السنة وهي من أعظم البلاد مجبى وأكبرها خراجاً لكثرة عمارتها واتساع عمالتها. وأخبرت أن بعض الهنود التزم مغارمها وعمالتها جميعاً، وهي كما ذكرناه مسيرة ثلاثة أشهر بسبعة عشر كرورا والكرور مائة لكاً، والكّ مائة ألف دينار، ولكنه لم يف بذلك فبقي عليه بقية وأخذ ماله وسلخ جلده.
وبمدينة دولة آباد سوق للمغنين والمغنيات تسمى سوق طرب آباد من أجمل الأسواق وأكبرها، فيه الدكاكين الكثيرة كل دكان له باب يفضي إلى دار صاحبه وللدار باب سوى ذلك والحانوت مزيّن بالفرش وفي وسطه شكل مهد كبير تجلس فيه المغنية أو ترقد وهي متزينة بأنواع الحلي وجواريها يحرّكن مهدها وفي وسط السوق قبة عظيمة مفروشة مزخرفة يجلس فيها أمير المطربين بعد صلاة العصر من يوم كل خميس وبين يديه خدامه وممالكيه وتأتي المغنيات طائفة بعد أخرى فيغنين بين يديه ويرقصن إلى وقت المغرب ثم ينصرف. وفي تلك السوق المساجد للصلاة ويصلي الأئمة فيها التراويح في شهر رمضان وكان بعض سلاطين الكفار بالهند إذا مر بهذه السوق ينزل بقبتها ويغني المغنيات بين يديه وقد فعل ذلك بعض سلاطين المسلمين أيضاً. ثم سافرنا إلى مدينة نَذَرْبار "وضبط اسمها بنون وبذال معجم مفتوحين وراء مسكن وباء موحدة مفتوحة وألف وراء" مدينة صغيرة يسكنها المرهتة، وهم أهل الإتقان