قَتَم ورَجُو وبعثوا برأسهما إلى السلطان. ولم ينج من الكفار إلى الشريد.
وكان أمير علابور بدر الحبشي من عبيد السلطان، وهو من الأبطال الذين تضرب بهم الأمثال، وكان لا يزال يغير على الكفار منفرداً بنفسه، فيقتل ويسبي، حتى شاع خبره واشتهر أمره وهابه الكفار.
وكان طويلاً ضخماً يأكل الشاة عن آخرها في أكلة وأخبرت أنه كان يشرب نحو رطل ونصف من السمن بعد غذائه على عادة الحبشة ببلادهم، وكان له ابن يدانيه في الشجاعة. فاتفق أنه أغار مرة في جماعة من عبيده على قرية للكفار فوقع به الفرس في مطمورة، واجتمع عليه أهل القرية فضربه أحدهم بقُتَارة والقُتَارة "بقاف معقود وتاء معلوة" حديدة شبه سكة الحرث، يدخل الرجل يده فيها فتكسو ذراعه ويفضل منها مقدار ذراعين وضربتها لاتبقي، فقتله بتلك الضربة، وقاتل عبيده أشد القتال فتغلبوا على القرية وقتلوا رجالها وسبوا نساءها وما فيها. وأخرجوا الفرس من المطمورة سالماً فأتوا به ولده فكان من الاتفاق الغريب أنه ركب الفرس وتوجه إلى دهلي فخرج عليه الكفار فقاتلهم حتى قتل وعاد الفرس إلى أصحابه فدفعوه إلى أهله فركبه صهر له فقتله الكفار عليه أيضاً. ثم سافرنا إلى مدينة كالِيُور "وضبط اسمها بفتح الكاف المعقود وكسر اللام وضم الياء آخر الحروف وواو وراء" ويقال فيه أيضاً: كيالير، وهي مدينة كبيرة لها حصن منيع منقطع في رأس شاهق على بابه صورة فيل وفيال من الحجارة وقد مر ذكره في اسم السلطان قطب الدين وأمير هذه المدينة أحمد بن سيرخان فاضل كان يكرمني أيام إقامتي عنده قبل هذه السفرة. ودخلت عليه يوماً وهو يريد توسيط رجل من الكفار فقلت له: بالله لا تفعل ذلك فإني ما رأيت أحداً قط يقتل بمحضري فأمر بسجنه وكان ذلك سبب خلاصه. ثم رحلنا من مدينة كاليور إلى مدينة بَرْوَن "وضبط اسمها بفتح الباء المعقودة وسكون الراء وفتح الواو وآخره نون" مدينة صغيرة للمسلمين بين بلاد الكفار، أميرها محمد بن بيرم التركي الأصل. والسباع بها كثيرة، وذكر لي بعض أهلها أن السبع كان يدخل إليها ليلاً وأبوابها مغلقة فيفترس الناس حتى قتل من أهلها كثيراً وكانوا يعجبون في شأن دخوله.
وأخبرني محمد التوفيري من أهلها وكان جاراً لي بها أنه دخل داره ليلاً وافترس صبياً من فوق السرير. وأخبرني غيره أنه كان مع جماعة في دار عرس