إليها الأدباء تسابق عزماتها إلى العداة، وحج العارفون حرمها الشريف، وقصد السائحون استطلاع معناها المنيف ولجأ الخائفون إلى الامتناع بعز جنابها واستجارت الملوك بخدمة أبوابها فهي القطب الذي عليه مدار العالم وفي القطع بتفضيلها تساوت بديهة عقل الجاهل والعالم وعن مآثرها الفائقة يسند صحاح الآثار كل مسلم وبإكمال محاسنها الرائعة يفصح كل معلم وكان ممن وفد على بابها السامي وتعدى أوشال البلاد إلى بحرها الطامي الشيخ الفقيه السائح الثقة الصدوق جوال الأرض ومخترق الأقاليم بالطول والعرض أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي المعروف بابن بطوطة المعروف في البلاد الشرقية بشمس الدين وهو الذي طاف الأرض معتبرا وطوى الأمصار مختبرا وباحث فرق الأمم وسبر سير العرب والعجم ثم ألقى عصا التسيار بهذه الحضرة العليا لما علم أن لها مزية الفضل دون شرط ولاثنيا وطوى المشارق إلى مطلع بدرها بالغرب وآثرها على الأقطار إيثار التبر على الترب اختيارا بعد طول اختيار البلاد والخلق ورغبة اللحاق بالطائفة المثلى التي على الحق فغمره من إحسانه الجزيل وامتنانه الحفي الحفيل ما أنساه الماضي بالحال وأغناه عن طول الترحال وحقر عنده ما كان من سواه يستعظمه وحقق لديه ما كان من فصله يتوهمه فنسي ما كان ألفه من جولان البلاد وظفر بالمرعى الخصب بعد طول الارتياد ونفذت الإشارة الكريمة بأن يملي ما شاهده في رحلته من الأمطار وما علق بحفظه من نوادر الأخبار ويذكر من لقيه من ملوك الأقطار وعلمائها الأخيار وأوليائها الأبرار فأملى من ذلك ما فيه نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر من كل غريبة أفاد باجتلائها وعجيبة أطرف بانتحائها وصدر الأمر العالي لعقد مقامهم الكريم المنقطع إلى بابهم المتشرف بخدمة جنابهم محمد بن محمد بن جزي الكلبي أعانه الله على خدمتهم وأوزعه شكر نعمتهم أن يضم أطراف ما أملاه الشيخ أبو عبد الله من ذلك مشتملا في تصنيف يكون على فوائده مشتملا ولنيل مقاصده مكملا متوخيا تنقيح الكلام وتهذيبه معتمدا إيضاحه وتقريبه ليقع الاستمتاع بتلك الطرف ويعظم الانتفاع بدرها عند تجريده من الصدف فامتثل ما أمر به مبادرا وشرع بمنهله ليكون بمعونة الله عن توفية الغرض منه صادرا ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبد الله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها موضحة للمناحي التي اعتمدها وربما اوردت لفظه على وضعه فلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015