نصارى، وكلّ طائفة تسكن محلّة على حدة، فيها أسواقها والتجار والغرباء من أهل العراقين ومصر والشام وغيرها ساكنون بمحلّة عليها سور احتياطا على أموال التجار، وقصر السلطان بها يسمّى ألطون طاش، وألطون بفتح الهمزة وسكون اللام وضم الطاء المهمل، وواو مدّ ونون، ومعناه الذّهب، وطاش بفتح الطاء المهمل وشين معجم، ومعناه رأس «116» .
وقاضي هذه الحضرة بدر الدين الأعرج من خيار القضاة وبها من مدرّسي الشافعيّة الفقيه الإمام الفاضل صدر الدين سليمان اللكزي «117» أحد الفضلاء، وبها من المالكيّة شمس الدين المصريّ، وهو ممّن يطعن في ديانته، وبها زاوية الصالح الحاجّ نظام الدين أضافنا بها وأكرمنا، وبها زاوية الفقيه الإمام العالم نعمان الدّين الخوارزمي، رأيته بها وهو من فضلاء المشايخ، حسن الأخلاق كريم النفس شديد التواضع شديد السّطوة على أهل الدنيا، ياتي إليه السلطان أوزبك زائرا في كلّ جمعة، فلا يستقبله ولا يقوم إليه ويقعد السلطان بين يديه ويكلّمه ألطف كلام، ويتواضع له، والشيخ بضدّ ذلك! وفعله مع الفقراء والمساكين والواردين خلاف فعله مع السلطان فإنه يتواضع لهم ويكلمهم بألطف كلام ويكرمهم وأكرمني جزاه الله خيرا وبعث إليّ بغلام تركيّ وشاهدت له بركة.
كنت أردت السفر من السّرا إلى خوارزم، فنهاني عن ذلك، وقال لي، اقم أيّاما، وحينئذ تسافر، فنازعتني النفس، ووجدت رفقة كبيرة آخذة في السفر، فيهم تجار أعرفهم، فاتّفقت معهم على السفر في صحبتهم، وذكرت له ذلك، فقال لي: لابدّ لك من الإقامة، فعزمت على السفر، فأبق لي غلام أقمت بسببه، وهاذه من الكرامات الظاهرة، ولمّا كان بعد ثلاث وجد بعض أصحابي ذلك الغلام الآبق بمدينة الحاجّ ترخان فجاء به إليّ فحينئذ سافرت إلى خوارزم، وبينها وبين حضرة السرا صحراء مسيرة أربعين يوما لا تسافر فيها الخيل لقلّة الكلأ وإنّما تجرّ العربات بها الجمال.