أعوانه، فسأل الرومي الذي معي، فقال له: إنه من طلبة المسلمين، فلما عاد إليه وأخبره بذلك، بعث إليّ أحد أصحابه، وهم يسمون القاضي النّجشي كفالي، فقال لي: النّجشي كفالي «109» يدعوك فصعدت إليه إلى القبة التي تقدم ذكرها فرأيت شيخا حسن الوجه واللمّة، عليه لباس الرهبان وهو الملفّ الاسود، وبين يديه نحو عشرة من الكتّاب يكتبون فقام إليّ وقام أصحابه وقال: أنت ضيف الملك، ويجب علينا إكرامك وسألني عن بيت المقدس والشام ومصر وأطال الكلام، وكثر عليه الازدحام، وقال لي: لابدّ لك أن تاتي إلى داري فأضيفك، فانصرفت عنه ولم ألقه بعد.
ولمّا ظهر لمن كان في صحبة الخاتون من الأتراك أنها على دين أبيها وراغبة في المقام معه طلبوا منها الإذن في العودة إلى بلادهم، فأذنت لهم وأعطتهم عطاء جزيلا وبعثت معهم من يوصلهم إلى بلادهم أميرا يسمى ساروجه الصغير في خمسمائة فارس، وبعثت عنّي فأعطتني ثلاثماية دينار من ذهبهم، وهم يسمونه البربرة «110» ، وليس بالطيب، وألفي درهم بندقيّة، وشقّة ملفّ من عمل البنات، وهو أجود أنواعه، وعشرة أثواب من حرير وكتّان وصوف وفرسين، وذلك من عطاء أبيها وأوصت بي ساروجة وودّعتها وانصرفت، وكانت مدّة مقامي عندهم شهرا وستّة أيّام.
وسافرنا «111» صحبة ساروجة فكان يكرمني حتى وصلنا إلى آخر بلادهم حيث تركنا أصحابنا وعرباتنا فركبنا العربات ودخلنا البريّة ووصل ساروجة معنا إلى مدينة باب سلطوق وأقام بها ثلاثا في الضيافة وانصرف إلى بلاده وذلك في اشتداد البرد، وكنت ألبس ثلاث فروات وسراويل أحدهما مبطّن، وفي رجلي خفّ من صوف وفوقه خفّ مبطن بثوب كتّان