غلبت على الخشب بحيث لا يظهر منه شيء، وارتفاعها دون القامة وفوقها ثلاثة من القبور، يزعمون أن أحدها قبر آدم عليه الصلاة والسلام، والثاني قبر نوح عليه الصلاة والسلام، والثالث قبر عليّ رضي الله عنه، وبين القبور طسوت ذهب وفضة فيها ماء الورد والمسك وأنواع الطيب يغمس الزائر يده في ذلك، ويدهن به وجهه تبركا.
وللقبة باب آخر عتبته أيضا من الفضة وعليه ستور من الحرير الملوّن يفضي إلى مسجد مفروش بالبسط الحسان مستورة حيطانه وسقفه بستور الحرير، وله أربعة أبواب، عتبتها فضة وعليها ستور الحرير، وأهل هذه المدينة كلهم رافضيّة.
وهذه الروضة ظهرت لها كرامات ثبت بها عندهم أن بها قبر عليّ رضي الله عنه، فمنها أن في ليلة السابع والعشرين من رجب، وتسمى عندهم ليلة المحيا «5» يؤتى الى تلك الروضة بكل مقعد من العراقين وخرسان وبلاد فارس والروم فيجتمع الثلاثون والأربعون ونحو ذلك، فإذا كان بعد العشاء الآخرة جعلوا فوق الضريح المقدس، والناس ينتظرون قيامهم وهم ما بين مصلّ وذاكر وتال ومشاهد للروضة فإذا مضى من الليل نصفه أو ثلثاه أو نحو ذلك قام الجميع أصحّاء من غير سوء، وهم يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليّ ولي الله «6» .
وهذا أمر مستفيض عندهم سمعته من الثقات ولم أحضر تلك الليلة، لكني رأيت بمدرسة الضياف ثلاثة من الرجال أحدهم من أرض الروم والثاني من إصبهان والثالث من خراسان وهم مقعدون فاستخبرتهم عن شأنهم فأخبروني أنهم لم يدركوا (ليلة المحيا) وأنهم منتظرون أوانها من عام آخر، وهذه الليلة يجتمع لها الناس من البلاد ويقيمون سوقا عظيمة مدة عشرة أيام وليس بهذه المدينة مغرم ولا مكاس ولا وال، وإنما يحكم عليهم نقيب الأشراف، وأهلها تجار، يسافرون في الأقطار، وهم أهل شجاعة وكرم، ولا يضام جارهم، صحبتهم في الأسفار، فحمدت صحبتهم، لكنهم غلوا في علي رضي الله عنه.
ومن الناس في بلاد العراق وغيرها من يصيبه المرض فينذر للروضة نذرا إذا برىء ومنهم من يمرض رأسه فيصنع رأسا من ذهب أو فضة وياتي به إلى الروضة فيجعله النقيب في الخزانة، وكذلك اليد والرجل وغيرهما من الأعضاء، وخزانة الروضة عظيمة فيها من الأموال ما لا يضبط لكثرته.