وفي حديثه (352 -IV) عن المدرسة الكبرى المعروفة بالمتوكلية ينبغي أن نعرف أن هذه المدرسة تعتبر مؤسسة حضارية فائقة لا بما تضمه من العدد الكثير من الغرف التي تؤوي الطلاب، ولكن بما اشتملت عليه من تجهيزات وبما فاقت به المدارس الأخرى أيضا حيث إنها اشتملت، بالإضافة إلى رواقين متقابلين للدرس، على صومعة تشرف على المدينتين: فاس القديم وفاس الجديد، وعلى قاعة للصلاة ازدانت بمنبر رائع بديع ... كما اشتملت على ساعة مائية كانت حديث الكتاب والشعراء ردحا من الزمان، نصبت قبالة باب المدرسة الرئيسي في شارع الطالعة الكبرى غير بعيدة عن دار الوضوء التي تعدّ بدورها متحفا رائعا لأنها تنسيك وأنت تتجول ببصرك في قبتها أنك في بيوت لم يأذن الله برفعها! وقد روى أنّ السلطان أبا عنان وقد أطلعه المهندس علي المصاريف الباهضة التي انفقها لم يستكثر تلك الأرقام بل مزق الأوراق ورمى بها في الساقية التي تخترق المدرسة متمثلا بالبيت القائل:
ليس لما قرّت به العين ثمن ... لا بأس بالغالي إذا قيل حسن!!
وهذا هو نص أسماء الأوقاف المرصودة لسير المدرسة منقوشة على رخامة مغروسة في الجدار هناك حتى يقف عليها الناس.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وسلم أمر بانشاء هذه المدرسة المباركة السنية المسماة بالمتوكلية المؤسسة على تقوا من الله ورضوان المعدة لتدريس العلم واقراء القرآن الممفضة بإقامة فرض الجمعة المخصوصة بالمرافق الشاملة والمحاسن المستبدعة مولانا الخليفة الامام حنسة الأيام وناصر الإسلام، المجاهد في سبيل الله، المضفر بمعونة الله، العالم العامل، الصالح العادل، الفنت الأوّاب، صاحب الحرب والمحراب، أمير المؤمنين، المجاهد في سبيل رب العالمين، المتوكل على الله أبو عنان، فارس ابن مولانا الإمام العادل، الفاضل الكامل، الأروع، الأخشى لله الأخشع، أمبير المسلمين، المجاهد في سبيل رب العالمين، أبي الحسن ابن مولانا الإمام الطاهر، المؤيّد الطاهر وجواد الاجواد، واسد الاساد وأمير المسلمين وناصر الدين والمجاهد في سبيل رب العالمين وأبي سعيد ابن مولانا الإمام العابد والفانت الزاهد والذي اعزّ الإسلام جهاده، المبرور وكرم في سبيل الله اثر اجتهاده المأثور، أمير المسلمين وناصر الدين والمجاهد في سبيل رب العالمين، أبي يوسف بن عبد الحق وصل اله تعالى، لمقامه العلي أسباب التاييد والتمكين، وسناله النصر العزيز والفتح المبين وجعل الخلافة كلمة باقية في عقبة إلى يوم الدين وجزاه عن الإسلام والمسلمين أفضل جزاء المحسنين، فصد ايده الله تعالى ببنائها وجه الله تعالى، في احياء رسوم العلوم وتجديد العناية بالمنقول والمفهوم، ابتغاء حسن الثواب على تجليد أعمال